ونحوه؛ لأنه فوض إليه الرأي في التصرف في التجارة، وقد يرى المصلحة في هذا، وليس له التبرع والحطيطة والقرض وكتابة الرقيق، وعتقه وتزويجه؛ لأنه ليس بتجارة، وإنما فوض إليه العمل برأيه في التجارة.

فصل:

الضرب الثاني: شركة الأبدان، وهو أن يشترك اثنان فيما يكتسبانه بأبدانهما، كالصانعين يشتركان على أن يعملا في صناعتهما أو فيما يكتسبان من مباح كالحشيش والحطب والمعادن، والتلصص على دار الحرب، فما رزق الله فهو بينهما، فهو جائز، لما روى عبد الله بن مسعود قال: «اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، قال: فلم أجئ أنا وعمار بشيء، وجاء سعد بأسيرين» .

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة، واحتج به أحمد، ومبناها على الوكالة؛ لأن كل واحد منها وكيل صاحبه، وما يتقبله كل واحد من الأعمال، فهو من ضمانهما، يطالب به كل واحد منهما، ويلزمه عمله.

قال القاضي: ويحتمل أن لا يلزم كل واحد منهما ما لزم صاحبه، كالوكيلين، ويصح مع اتفاق الصنائع واختلافها؛ لأنهما اتفقا في مكسب واحد، كما لو اتفقت الصنائع، وقال أبو الخطاب: لا تصح مع اختلافها؛ لأن الشركة تقتضي أن ما يتقبله أحدهما يلزم صاحبه، ولا يمكن أن يلزمه عمل صناعة لا يحسنها.

فصل:

والربح بينهما، على ما شرطاه من مساواة أو تفاضل؛ لأنهما يستحقان بالعمل، والعمل يتفاضل، فجاز أن يكون الربح متفاضلاً، وما لزم أحدهما من ضمان لتعديه وتفريطه، فهو عليه خاصة؛ لأن ذلك لا يدخل في الشركة، ولكل واحد منهما طلب الأجرة، وللمستأجر دفعها إلى أيهما شاء، وإن تلفت في يد أحدهما بغير تفريط، فلا ضمان عليه؛ لأنه وكيل.

فصل:

وإن عمل أحدهما دون صاحبه، فالكسب بينهما، لحديث ابن مسعود حين جاء سعد بأسيرين وأخفق الآخران، وإن ترك أحدهما العمل لعجز أو غيره، فللآخر مطالبته بالعمل، أو بإقامة من يعمل عنه أو يفسخ.

فصل:

إذا كان لرجلين دابتان، فاشتركا على أن يحملا عليهما، فما رزق الله تعالى من الأجرة، فهو بينهما صح. ثم إن تقبلا حمل شيء في ذمتهما فحملاه عليهما، صح، والأجرة على ما شرطاه؛ لأن تقبلهما الحمل أثبته في ذمتهما وضمانهما، والشركة تنعقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015