التجارة بمطلق الشركة؛ لأن هذا عادة التجار، وقد أذن له في التجارة، وهل لأحدهما أن يبيع نساء أو يبضع أو يودع أو يسافر بالمال؟ يخرج على روايتين: إحداهما: له ذلك؛ لأنه عادة التجار، ولأن المقصود الربح، وهو في هذه أكثر.
والأخرى: لا يجوز؛ لأن فيه تغريراً بالمال، وهل له التوكيل؟ يخرج على الروايتين في الوكيل؛ لأنه وكيل، وإذا وكل أحدهما، فللآخر عزله؛ لأنه وكيله، وهل له أن يرهن ويرتهن؟ فيه وجهان: أحدهما: له ذلك؛ لأن الرهن يراد للإيفاء والارتهان يراد للاستيفاء، وهو يملكهما، فيملك ما يراد لهما.
والثاني: لا يجوز؛ لأن فيه خطراً، وفي الإقالة وجهان.
أصحهما: أنه يملكها؛ لأنه إن كانت بيعاً فقد أذن فيه، وإن كانت فسخاً، ففسخ البيع المضر من مصلحة التجارة فملكه، كالرد بالعيب، والآخر لا يملكها؛ لأنها فسخ فلا تدخل في الإذن في التجارة.
فصل:
وليس له أن يكاتب رقيقه، ولا يزوجه، ولا يعتقه بمال، ولا يقرض ولا يحابي؛ لأن ذلك ليس بتجارة، وليس له المشاركة بمال الشركة، ولا المضاربة به، ولا خلطه بماله، ولا مال غيره؛ لأنه يثبت في المال حقوقاً، وليس هو من التجارة المأذون فيها، ولا يأخذ به سفتجة ولا يعطيها؛ لأن فيه خطراً، ولا يستدين على مال الشركة، ولا يشتري ما ليس عنده ثمنه؛ لأنه يؤدي إلى الزيادة في مال الشركة، ولم يؤذن فيه، فإن فعل، فعليه ثمن ما اشتراه ويختص بملكه وربحه وضمانه، وكذلك ما استدانه أو اقترضه، ويجوز أن يشتري نساء ما عنده ثمنه؛ لأنه لا يفضي إلى الزيادة فيها، وإن أقر على مال الشركة، قبل في حقه دون صاحبه، سواء أقر بعين أو دين؛ لأن الإقرار ليس من التجارة، وقال القاضي: يقبل إقراره على مال الشركة، ويقبل إقراره بعيب في عين باعها، كما يقبل إقرار الوكيل على موكله به، نص عليه؛ لأنه تولى بيعها، فقبل إقراره بالعيب، كمالكها.
فإن رد عليه المعيب فقبله، أو دفع أرشه، أو أخر ثمنه، أو حط بعضه لأجل العيب، جاز؛ لأن العيب يجوز الرد، وقد يكون ما يفعله من هذا أحظ من الرد، فأما إن حط بعض الثمن ابتداء، أو أسقط ديناً عن غريمهما، أو أخره عليه، لزم في حقه دون صاحبه؛ لأنه تبرع فجاز في حقه دون شريكه كالصدقة.
فإن قال له: اعمل برأيك فله عمل ما يقع في التجارة من الرهن والارتهان والبيع نساء، والإبضاع بالمال، والمضاربة به والشركة، وخلطه بماله، والسفر به وإيداعه، وأخذ السفتجة ودفعها