فصل:
ويجوز في المختلفين، فيكون لأحدهما دنانير وللآخر دراهم، ولأحدهما صحاح، وللآخر مكسرة، أو لأحدهما مائة، والآخر مائتان؛ لأنهما أثمان، فصحت الشركة بهما كالمتفقين، ويرجع كل واحد منهما عند المفاضلة بمثل ماله، نص عليه؛ لأنها أثمان، فيجب الرجوع بمثلها كالمتفقين، وتجوز الشركة، وإن لم يخلطا المالين؛ لأنه يقصد بها كون الربح بالمالين، فلم يشترط خلط المال كالمضاربة.
فصل:
ومبناها على الوكالة والأمانة؛ لأن كل واحد منهما بتفويض المال إلى صاحبه أمنه، وبإذنه له في التصرف وكله، ولكل واحد منهما العمل في المالين بحكم الملك في حصته، والوكالة في حصة شريكه، وحكمها في جوازها وانفساخها حكم الوكالة، لتضمنها للوكالة، فإن عزل أحدهما صاحبه قبل أن ينض المال، فذكر القاضي: أن ظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه لا ينعزل حتى ينض، كالمضارب إذا عزله رب المال، وقال أبو الخطاب: ينعزل؛ لأنها وكالة.
فإذا عزله فطلب أحدهما البيع، والآخر القسمة، أجيب طالب القسمة؛ لأنه يستدرك ما يحصل من الربح بالقسمة، فلم يجبر على البيع بخلاف المضارب، وهذا إنما يصح إذا كان الربح على قدر المالين، فإن زاد ربح أحدهما عن ماله، لم يستدرك ربحه بالقسمة، فيتعين البيع كالمضاربة.
فصل:
فإن مات أحدهما، فلوارثه إتمام الشركة، فيأذن للشريك، ويأذن له الشريك في التصرف؛ لأن هذا إتمام للشركة، وليس بابتداء لها، فلا تعتبر شروطها، وكذلك إن مات رب المال في المضاربة، فلوارثه إتمامها في ظاهر كلامه، ويحتمل أن لا يجوز إتمامها إلا أن يكون المال ناضاً؛ لأن العقد قد بطل بالموت، وهذا ابتداء عقد، فلا يجوز بالعروض، وإن مات عامل الضاربة، لم يجز إتمامها إلا على الوجه الذي يجوز ابتداءها؛ لأنه لم يخلف أصلاً يبنى عليه، ولو كان مال الشركة والمضاربة موصى به، والموصى له كالوارث في هذا، فإن كانت الوصية لغير معين، كالفقراء، فليس للموصي الإذن في التصرف؛ لأنه قد وجب دفعه إليهم.
فصل:
ولكل واحد من الشريكين أن يبيع ويشتري مساومة ومرابحة وتولية ومواضعة، ويقبض المبيع والثمن، ويقبضهما ويطالب بالدين، ويخاصم فيه، ويرد بالعيب في العقد الذي وليه هو أو صاحبه، ويحيل ويحتال ويستأجر، ويفعل كل ما هو من مصلحة