يجوز عقد الشركة في الجملة، لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «يقول الله تعالى: أنا ثالث الشركين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان أحدهما صاحبه، خرجت من بينهما» رواه أبو داود.
وتكره شركة الذمي إلا أن يكون المسلم يتولى البيع والشراء، لما روى الخلال بإسناده عن عطاء قال: «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون البيع والشراء بيد المسلم» ولأنه لا يأمن معاملتهم بالربا، والعقود الفاسدة.
فصل:
والشركة على أربعة أضرب: أحدها: شركة العنان، وهو أن يشترك اثنان بماليهما على أن يعملا فيه بأبدانهما، والربح بينهما، فإذا صحت، فما تلف من المالين، فهو من ضمانهما، وإن خسرا، كانت الخسارة بينهما على قدر المالين؛ لأنهما صارا كمال واحد في ربحه، فكذلك في خسرانه، والربح بينهما على ما شرطاه؛ لأن العمل يستحق به الربح، وقد يتفاضلان فيه؛ لقوة أحدهما وحذقه، فجاز أن يجعل له حظ من الربح كالمضارب.
فصل:
وتصح الشركة على الدراهم والدنانير؛ لأنهما أثمان البياعات، وقيم الأموال، ولا تصح بالعروض في إحدى الروايتين؛ لأن قيمة أحدهما ربما تزيد قبل بيعه، فيشاركه الآخر في نماء العين التي هي ملكه، والثانية: تصح الشركة بها ويجعل رأس المال قيمتها وقت العقد؛ لأن مقصودها نفوذ تصرفهما في المال المشترك، وكون ربحه بينهما، وهذا ممكن في العروض، والحكم في النقرة والمغشوش والفلوس، كالحكم في العروض؛ لأن قيمتها تزيد وتنقص، فأشبهت العروض، ولا تجوز الشركة بمجهول ولا جزاف؛ لأنه لا يمكن الرجوع به عند المفاضلة، ولا بدين ولا غائب؛ لأنه مما لا يجوز والتصرف فيه، وهو مقصود الشركة.