فهو كوكيله، وإن ضمن بإذنه، رجع عليه؛ لأنه تضمن الإذن في الأداء، فأشبه ما لو أذن فيه صريحاً، وإن ضمن بغير إذنه وقضى بغير إذنه معتقداً للرجوع، ففيه روايتان: إحداهما: يرجع أيضاً؛ لأنه قضاء مبرئ من دين واجب لم يتبرع به، فكان على من هو عليه، كما لو قضاه الحاكم عند امتناعه.
والثانية: لا يرجع؛ لأنه تبرع فلم يرجع به، كما لو بنى داره أو علف دابته بغير إذنه، فإن اختلفا في الإذن، فالقول قول من ينكره؛ لأن الأصل عدمه.
فصل:
ويرجع الضامن بأقل الأمرين مما قضى، أو قدر الدين؛ لأنه إن قضاه بأقل منه، فإنما يرجع بما غرم، وإن أدى أكثر منه، فالزائد لا يجب أداؤه، فقد تبرع به، وإن دفع عن الدين عرضاً، رجع بأقل الأمرين عن قيمته، أو قدر الدين، وإن قضى المؤجل قبل أجله، لم يرجع قبل الأجل؛ لأنه تبرع بالتعجيل، وإن أحال به الغريم، رجع بأقل الأمرين مما أحال به أو دينه، سواء قبض الغريم من المحال عليه أم لم يقبض؛ لأن الحوالة كالتقبيض، وإن ضمن الضامن ضامن آخر، فقضى الدين، رجع على الضامن، ثم رجع الضامن على المضمون عنه، وإن قضاه الضامن، رجع على الأصيل وحده، فإن كان الأول، ضمن بلا إذن، والثاني ضمن بإذن، رجع الثاني على الأول، ولم يرجع الأول على أحد في إحدى الروايتين.
فصل:
وإن ضمن بإذنه، فطولب بالدين، فله مطالبة المضمون عنه بتخليصه؛ لأنه لزمه الأداء بأمره، ولا يملك المطالبة قبل ذلك؛ لأنه لا يملك الرجوع قبل الغرامة، فلا يملك المطالبة قبل أن يطالب، وإن ضمن بغير إذنه، لم يملك المطالبة به؛ لأنه لا دين له، ولا هو وكيل صاحب الدين، ولا لزمه الأداء بإذن الغريم، فأشبه الأجانب.
فصل:
وإذا دفع المضمون عنه قدر الدين إلى الضامن عوضاً عما يقضيه في الثاني، لم يصح؛ لأنه جعله عوضاً عما يجب عليه في الثاني فلم يصح، كما لو دفع إليه شيئاً عن بيع لم يعقده، ويكون ما قبضه مضموناً عليه؛ لأنه قبضه على وجه البدل، فأشبه المقبوض ببيع فاسد، وفيه وجه أنه يصح؛ لأن الرجوع بسببين، ضمان وغرم، فإذا وجد أحدهما، جاز تعجيل المال، كتعجيل الزكاة.
فإن قضى الدين، استقر ملكه على ما قبض، وإن برئ قبل القضاء، وجب رد ما أخذ، كما يجب رد الثمن إذا لم يتم البيع.