ذلك؛ لأنه يستند إلى أمر وجودي، ويصح أن يضمن الضامن ضامن ثالث؛ لأن دينه ثابت، فصح كالأول، ويصير الثاني فرعاً للضامن، حكمه معه حكم الضامن مع الأصيل.

فصل:

ولا يصح ضمان الأمانات كالوديعة ونحوها؛ لأنها غير مضمونة على من هي في يده، فكذلك على ضامنه، وإن ضمن لصاحبها ما يلزم بالتعدي، فيها صح، نص عليه أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنها تصير مضمونة على المضمون عنه، ولا يصح ضمان مال الكتابة، وعنه: يصح؛ لأنه يجوز أن يضمن عنه دين آخر، والمذهب الأول؛ لأن مال الكتابة غير لازم، ولا يفضي إلى اللزوم، ولأنه يملك تعجيز نفسه، ولأن الضمان لتوثيق الحق، وما لا يلزم لا يمكن توثيقه، وفي ضمان مال السلم روايتان: إحداهما: يصح؛ لأنه دين لازم فأشبه القرض.

والثانية: لا يصح؛ لأنه يُفضي إلى استيفائه من غير المسلم إليه، فأشبه الحوالة.

فصل:

ويصح ضمان المعلوم والمجهول قبل وجوبه وبعده؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] ، وحمل البعير يختلف، فهو غير معلوم، وقد ضمنه قبل وجوبه، ولأنه التزام حق من غير معاوضة، فأشبه النذر، وإن قال: ألق متاعك في البحر، وعلي ضمانه صح؛ لأنه استدعاء إتلاف بعوض لغرض صحيح، فصح كقوله: اعتق عبدك وعلي ثمنه.

فصل:

ويصح ضمان الحالّ مؤجلاً؛ لأن الغريم يلزمه أداؤه في جميع الأزمنة، فجاز للضامن التزام ذلك في بعضه، كبعض الدين، وإن ضمن المؤجل حالاً لم يلزمه؛ لأنه لا يلزم الأصيل، فلا يلزم الضامن، ويقع الضمان مؤجلاً على صفته في ذمة الضامن، وإن ضمن الدين المؤجل، وقلنا: إن الدين يحل بالموت فمات أحداهما، حل عليه الدين، وبقي في ذمة الآخر إلى أجله، ولا يملك ورثة الضامن الرجوع على المضمون عنه قبل الأجل؛ لأنه لم يحل.

فصل:

وإذا قضى الضامن الدين بإذن المضمون عنه، رجع عليه؛ لأنه قضى دينه بإذنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015