فلا يصح ضمانه؛ لأنه تبرع بالتزام مال، فلم يصح منهم، كنذر الصدقة، وخرج بعض أصحابنا ضمان الصبي بإذن وليه، على الروايتين في صحة بيعه، وقال القاضي: يصح ضمان السفيه، ويتبع به بعد فك حجره، وهذا بعيد؛ لأن الضمان مجرد ضرر وتضييع مال، فلم يصح منهما كالعتق، ولا يصح ضمان العبد والمكاتب بغير إذن سيدهما؛ لأنه التزام مال، فلم يصح منهما بغير إذن كالنكاح.
ويصح بإذنه؛ لأن المنع لحقه، فزال بإذنه، ويؤديه المكاتب مما في يده، وهل يتعلق برقبة العبد أو بذمة سيده؟ على وجهين.
فصل:
ويصح ضمان دين الميت المفلس وغيره، لحديث أبي قتادة، ولا يعتبر رضى المضمون له ولا المضمون عنه، للخبر، ولا معرفة الضامن لهما؛ لأنه لا يعتبر رضاهما، فأشبها الأجانب، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسأل أبا قتادة عن معرفتهما، ويحتمل أن تعتبر معرفتهما، ليؤدي إلى أحدهما، ويرجع على الآخر بما غرم عنه، ويحتمل أن تعتبر معرفة المضمون له؛ ليؤدي إليه، ولا تعتبر معرفة المضمون عنه، لعدم المعاملة بينه وبينه، ولا يصح إلا برضى الضامن؛ لأنه التزام مال، فلم يصح من غير رضى الملتزم كالنذر.
فصل:
ويصح ضمان الدين اللازم، لخبر أبي قتادة، وضمان الجعل في الجعالة، لقول الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وضمان كل حق مالي لازم، أو مآله إلى اللزوم، كالثمن في مدة الخيار وبعدها، والأجرة والصداق قبل الدخول وبعده، وأرش الجناية نقداً أو حيواناً؛ لأنها حقوق مالية لازمة، أو مآلها إلى اللزوم، فصح ضمانها كالدين والجعل، ويصح ضمان الأعيان المضمونة، كالغصوب والعواري؛ لأنها مضمونة على من هي في يده، فأشبهت الدين، ويصح ضمان عهدة المبيع عن كل واحد منهما لصاحبه، وهو أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه، وإن ظهر فيه عيب أو استحق أو وجد ذلك في البيع، غرمه الضامن؛ لأن ذلك لازم، فإنه إنما يتعلق بالضامن حكم لعيب أو غصب ونحوهما، وهذا كان موجوداً حال الضمان، فصح ضمانه كالدين، وإن استحق الرجوع لأمر حادث، كتلف المبيع قبل قبضه، أو أخذه بشفعة، فلا شيء على الضامن، وإن ضمن البائع أو غيره للمشتري قيمة ما يحدثه من بناء أو غراس، أو ما يلزمه من أجرة إن خرج المبيع مستحقاً، صح، ويرجع على الضامن بما لزمه من