أحدها: منع تصرفه في ماله، فلا يصح بيعه ولا هبته، ولا وقفه، ولا غير ذلك؛ لأنه حجر ثبت بالحاكم، فمنع تصرفه، كالحجر للسفه. وفي العتق روايتان:

إحداهما: لا يصح لذلك، ولأن حق الغرماء تعلق بماله، فمنع صحة عتقه، كما لو كان مريضاً.

والثانية: يصح؛ لأنه عتق من مالك رشيد صحيح، أشبه عتق الراهن. وإن أقر بدين، أو عين في يده، كالقصار والحائك يقر بثوب، لم يقبل إقراره لذلك، ويلزم في حقه، يتبع به بعد فك الحجر عنه، وإن توجهت عليه يمين فنكل عنها، فهو كإقراره. وإن تصرف في ذمته بشراء، أو اقتراض أو ضمان، أو كفالة، صح؛ لأنه أهل للتصرف، والحجر إنما تعلق بماله دون ذمته. ولا يشارك أصحاب هذه الديون الغرماء؛ لأن من علم منهم بفلسه فقد رضي بذلك، ومن لم يعلم، فهو مفرط. ويبيعونه بعد فك الحجر عنه كالمقر له، وهل للبائع والمقرض الرجوع في أعيان أموالهما إن وجداها؟ على وجهين:

أحدهما: لهما ذلك، للخبر، ولأنه باعه في وقت الفسخ، فلم يسقط حقه منه، كما لو تزوجت المرأة معسراً بنفقتها.

والثاني: لا فسخ لهما؛ لأنهما دخلا على بصيرة بخراب الذمة، أشبها من اشترى معيباً يعلم عيبه.

وإن جنى المفلس جناية توجب مالاً، لزمه وشارك صاحبه الغرماء؛ لأنه حق ثبت بغير رضى مستحقه، فوجب قضاؤه من المال كجناية عبده وإن ثبت عليه حق بسبب قبل الفلس ببينة، شارك صاحبه الغرماء؛ لأنه غريم قديم، فهو كغيره.

فصل

الحكم الثاني: أنه يتعلق حقوق الغرماء بعين ماله، فليس لبعضهم الاختصاص بشيء منه سوى ما سنذكره. ولو قضى المفلس أو الحاكم بعضهم وحده، لم يصح. لأنهم شركاؤه فلم يجز اختصاصه دونهم. ولو جنى عليه جناية أوجبت مالاً، أو ورث مالا تعلقت حقوقهم به. وإن أوجبت قصاصاً لم يملكوا إجباره على العفو إلى مال؛ لأن فيه ضرراً بتفويت القصاص الواجب لحكمة الإحياء، ولا يجبر على قبول هبة، ولا صدقة، ولا قرض عرض عليه، ولا المرأة على التزوج؛ لأنه فيه ضرراً بلحوق المنة، أو التزوج من غير رغبة. ولو باع بشرط الخيار، لم يجبر على ما فيه الحظ من رد، أو إمضاء؛ لأن الفلس يمنعه إحداث العقود، لا إمضاؤها وليس للغرماء الخيار؛ لأن الخيار لم يشرط لهم. وإن وهب هبة بشرط الثواب، لزم قبوله؛ لأنه عوض عن مال، فلزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015