- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» رواه مسلم. ولأنه نوع تكسب، فلم يجبر عليه كالتجارة.
فصل
وإن كان موسراً، فلغريمه مطالبته، وعليه قضاؤه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مطل الغني ظلم» متفق عليه. فإن أبى، فله حبسه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لي الواجد يحل عقوبته وعرضه» من المسند. فإن لم يقضه، باع الحاكم ماله وقضى دينه، لما روي أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إن أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال: سابق الحاج، فادان معرضاً، فمن كان له عليه مال فليحضر، فإنا بائعو ماله وقاسموه بين غرمائه رواه مالك في الموطأ بنحوه، فإن غيب ماله، حبسه وعزره حتى يظهره. ولا يجوز الحجر عليه مع إمكان الوفاء، لعدم الحاجة إليه. وإن تعذر الوفاء، وخيف من تصرفه في ماله، حجر عليه إذا طلبه الغرماء، لئلا يدخل الضرر عليهم.
فصل
فإن ادعى الإعسار من لم يعرف له مال، فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصل عدمه. وإن عرف له مال، أو كان الحق لزمه في مقابلة مال، كثمن مبيع، أو قرض، لم يقبل قوله إلا ببينة؛ لأن الأصل بقاء المال، ويحبس حتى يقيم البينة. فإن قال: غريمي يعلم إعساري، فعلى غريمه اليمين أنه لا يعلم ذلك. وإن أقام البينة على تلف المال، فعليه اليمين معها أنه معسر؛ لأنه صار بهذه البينة كمن لم يعرف له مال. وإن شهدت بإعساره، فادعى غريمه أن له مالاً باطناً، لم يلزمه يمين؛ لأنه أقام البينة على ما ادعى، وتسمع البينة على التلف. وإن لم يكن ذا خبرة باطنة؛ لأنه أمر يعرف بالمشاهدة ولا تسمع على الإعسار إلا من أهل الخبرة بحاله؛ لأنه من الأمور الباطنة. فإن كان في يده مال فأقر به لغيره، سئل المقر له، فإن كذبه، بيع في الدين، وإن صدقه، سلم إليه. فإن قال الغريم: أحلفوه أنه صادق لم يستحلف؛ لأنه لو رجع عن الإقرار، لم يقبل منه. وإن طلب يمين المقر له؛ لأنه لو رجع قبل رجوعه.
فصل
فإن كان ماله لا يفي بدينه، فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه، لزمته إجابتهم؛ لما روى «كعب بن مالك: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجر على معاذ، وباع ماله» رواه سعيد بن منصور بنحوه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ولأن فيه دفعاً للضرر عن الغرماء، فلزم ذلك كقضائهم. ويستحب الإشهاد على الحجر، ليعلم الناس حاله، فلا يعاملوه إلا على بصيرة، ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام: