وفي لفظ: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يكون البيع كان على خيار، فإن كان البيع عن خيار فقد وجب البيع» متفق عليهما وفي لفظ «أو يقول أحدهما لصاحبه اختر» . رواه البخاري. وهذه زيادة يجب قبولها، فإن قال أحدهما لصاحبه: اختر فسكت، فخيار الساكت بحاله، لأنه لم يوجد منه ما يبطله، وفي خيار القائل وجهان:
أحدهما: يبطل للخبر، ولأنه جعل الخيار لغيره، فلم يبقى له شيء.
والثاني: لا يبطل كما لو قال لزوجته: اختاري فسكتت لم يبطل خياره في الطلاق.
فصل:
ويثبت خيار المجلس في كل بيع للخبر، ولأنه شرع للنظر في الحظ، وهذا يوجد في كل بيع. وعنه: لا يثبت في الصرف والسلم، وما يشرط فيه القبض في المجلس، لأنه لا يثبت فيه خيار الشرط.
فصل:
الضرب الثاني: خيار الشرط، نحو أن يشترط الخيار في البيع مدة معلومة، فيجوز بالإجماع، ويثبت فيما يتفقان عليه من المدة المعلومة، وإن زادت على ثلاث، لأنه حق يعتمد الشرط، فجاز ذلك فيه كالأجل، ويجوز شرطه لأحدهما دون صاحبه، ولأحدهما أكثر من صاحبه، لأنه ثبت بشرطهما فكان على حسبه. ولو اشترى شيئين صفقة واحدة، وشرط الخيار في أحدهما بعينه صح وإن شرطه في غير معين منهما، أو لأحد المتبايعين غير معين لم يصح لأنه مجهول، فأشبه بيع أحد العبدين. وإن شرط الخيار الأجنبي صح، وكان مشترطاً لنفسه موكلاً لغيره فيه، لأنه أمكن تصحيحه على هذا الوجه فتعين. ولمشترط الخيار الفسخ بغير رضى الأجنبي، وللأجنبي الفسخ إلا أن يعزله المشترط، ولو شرط الخيار للعبد المبيع صح لأنه كالأجنبي. وقال القاضي: إن جعل الأجنبي وكيلاً فيه صح. وإن أطلق الخيار لفلان، أو قال: هو لفلان دوني لم يصح، لأن الخيار جعل لتحصيل الحظ للمتعاقدين بنظرهما، فلا يكون لمن لا حظ له. وإن كان العاقد وكيلاً، فشرط الخيار للمالك صح، لأن الحظ له. وإن جعله للأجنبي لم يصح، لأنه ليس له توكيل غيره، وإن شرط لنفسه صح، لأن له النظر في تحصيل الحظ. وإن قال: بعتك على أن أستأمر فلاناً في مدة معلومة صح، وله الفسخ قبل استئماره، لأن ذلك كناية عن الخيار، وإن لم يجعل له مدة معلومة، فهو كالخيار المجهول.