فصل:
وإذا شرط الخيار إلى طلوع الشمس أو غروبها، أو إلى الغد، أو إلى الليل صح، لأنه وقت معلوم، ولا يدخل الغد، ولا الليل في مدة الخيار، لأن إلى للغاية وموضوعها لفراغ الشيء وانتهائه. وإن شرطاه ثلاثاً، أو ساعات معلومة فابتدأ مدته من حين العقد، لأنها مدة ملحقة بالعقد، فكان بدؤها منه كالأجل، ولأن جعله من حين التفريق يفضي إلى جهالته، لأنه لا يدرى متى يفترقان، ويحتمل أن يكون بدء مدته من حين التفريق، لأن الخيار ثابت في المجلس حكماً فلا حاجة إلى إثباته بالشرط، فعلى هذا إن جعلا بدأه من العقد صح، لأن بدايته ونهايته معلومان. ويحتمل أن لا يصح، لأن ثبوت الخيار بالمجلس يمنع ثبوته بغيره، وعلى الوجه الأول لو جعلا بدأه من التفريق لم يصح لجهالته.
فصل:
فإن شرطا خياراً مجهولاً لم يصح، لأنها مدة ملحقة بالعقد، فلم تصح مجهولة كالتأجيل، وهل يفسد العقد به؟ على روايتين. وعنه: أنه يصح مجهولاً لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «المسلمون على شروطهم» رواه الترمذي: وقال حديث حسن صحيح. فعلى هذا إن كان الخيار مطلقاً مثل أن يقول: لك الخيار متى شئت، أو إلى الأبد، فهما على خيارهما أبداً أو يقطعاه، وإن قال: إلى أن يقدم زيد، أو ينزل المطر ثبت الخيار إلى زمن اشتراطه، أو يقطعاه قبله. وإن شرطاه إلى الحصاد أو الجذاذ، ففيه روايتان:
إحداهما: هو مجهول، لأن زمن ذلك يختلف، فيكون كقدوم زيد.
والثانية: يصح لأن مدة الحصاد تتقارب في العادة في البلد الواحد، فعفي عن الاختلاف فيه. وإن شرطه إلى العطاء يريد وقت العطاء صح لأنه معلوم، وإن أراد نفس العطاء فهو مجهول، لأنه يتقدم ويتأخر، وإن شرط الخيار شهراً يوماً يثبت ويوماً لا ففيه وجهان:
أحدهما: يثبت في اليوم لأول، لأنه معلوم يلي العقد، ويبطل فيما بعده، لأنه إذا لزم لم يعد إلى الجواز، ويحتمل أن يبطل الشرط كله، لأنه شرط واحد، فإذا فسد في البعض فسد في الكل.