فصل

ولو باع رجلان عبداً لهما بثمن واحد صح لأن حصة كل واحد منهما من الثمن معلومة. ولو كان لكل واحد منهما قفيز، وكانا من جنس واحد فباعاهما صفقة واحدة صح لذلك. وإن كان المبيع مما لا ينقسم الثمن عليه، مثل إن كان لكل واحد منهما عبد فباعاهما صفقة واحدة، أو وكلا رجلاً فباعهما أو وكل أحدهما الآخر فباعهما بثمن واحد لم يصح، لأن كل واحد منهما مبيع بحصته من الثمن فلم يصح، كما لو صرح به، ويحتمل أن يصح بناء على تفريق الصفقة، أو كما لو كاتب عبدين كتابة واحدة بعوض واحد.

[باب الثنيا في البيع]

باب الثنيا إذا باع حائطاً واستثنى شجرة بعينها، أو قطيعاً واستثنى شاةً بعينها صح لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن الثنيا، إلا أن تعلم» . قال الترمذي: هذا حديث صحيح. وهذه معلومة، وإن استثنى شجرة أو شاة يختارها لم يصح للخبر. وإن استثنى آصعاً معلومة أو باع نخلة، واستثنى أرطالاً معلومة، فعنه: أنه يصح للخبر. والمذهب أنه لا يصح، لأن المبيع إنما علم بالمشاهدة، والاستثناء يغير حكم المشاهدة، فإنه لا يدري كم يبقى في حكم المشاهدة، ولو باعه الصبرة إلا قفيزاً لم يصح لذلك. وإن باعه قفيزاً من هذه الصبرة إلا مكوكاً صح، لأن القفيز معلوم، والمكوك منه معلوم. وإن باعه داراً إلا ذراعاً، وهما يعلمان ذرعانها جاز، وكان مشاعاً منها، وإلا لم يجز، كما لو باعه ذراعاً منها، وإن باعه سمسماً إلا كسبه، أو قطناً إلا حبه، أو شاة إلا شحمها، أو فخذها لم يصح، لأنه مجهول فيدخل في الخبر. وإن استثنى حملها، فعنه أن يصح، لأن ابن عمر أعتق جارية، واستثنى ما في بطنها.

وعنه: لا يصح، وهو أصح للخبر. فإن باع جارية حاملاً بحر، وقلنا: يصح استثناء الحمل صح هاهنا، وإن قلنا: لا يصح ثم، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يصح، لأنه استثناه في الحقيقة.

والثاني: يصح، لأنه قد يقع مستثنى بالشرع ما لا يصح استثناؤه بالشرط، بدليل بيع الأمة المزوجة.

وإن باع حيواناً مأكولاً واستثنى رأسه وجلده وسواقطه صح. نص عليه، لأنها ثنيا معلومة وقد روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين هاجر إلى المدينة مر براع فذهب أبو بكر وعامر بن فهيرة، فاشتريا منه شاة، وشرطا له سلبها» . فإن امتنع المشتري من ذبحها لم يجبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015