[باب تفريق الصفقة]

إذا باع ما يجوز بيعه، وما لا يجوز بيعه صفقة واحدة، كعبد وحر، وخل وخمر، وعبده وعبد غيره، أو دار له ولغيره ففيه روايتان:

إحداهما: تفرق الصفقة، فتجوز فيما يجوز بيعه بقسطه من الثمن، ويبطل فيما لا يجوز، لأن كل واحد منهما، له حكم منفرد، فإذا اجتمعا بقيا على حكمهما، كما لو باع شقصاً وسيفاً.

والثانية: يبطل فيهما، لأنه عقد واحد جمع حلالاً وحراماً فبطل، كالجمع بين الأختين، ويحتمل أن يصح فيما يجوز فيما ينقسم الثمن فيه على الأجزاء، كدار له ولغيره ونحوها، والقفيزين المتساويين، لأن الثمن فيما يجوز بيعه معلوم، ويبطل العقد فيما عدا هذا كالعبدين، لأن ثمن ما يجوز بيعه مجهول، لكون الثمن ينقسم عليهما بالقيمة، وقسط الحلال منهما مجهول لو صرح به، فقال: بعتك هذا العبد بقسطه من الثمن لم يصح، فكذا هاهنا. فإن قلنا يصح، وعلم المشتري الحال فلا خيار له، لأنه دخل على بصيرة ولا خيار للبائع بحال، وإن لم يعلم المشتري الحال فله الخيار، لأن عليه ضرراً في تفريق الصفقة، وإن اشترى معلوماً ومجهولاً بطل العقد فيهما، لأن ما يخص المعلوم من الثمن مجهول. ولو باع قفيزين من الحلال بثمن واحد، فتلف أحدهما قبل قبضه لم ينفسخ العقد في الباقي منهما، سواء كانا من جنس واحد أو جنسين، لأن حدوث الجهل بثمن الباقي منهما لا يوجب جهالة المبيع حال العقد. قال القاضي: ويثبت للمشتري خيار الفسخ، لتفريق الصفقة عليه فأشبه ما قبلها.

فصل

فإن جمع بين عقدين مختلفي الحكم، كبيع وإجارة، أو صرف بعوض واحد صح فيهما، لأن اختلاف حكم العقدين لا يمنع الصحة، كما لو جمع بين ما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه، وفيه وجه آخر لا يصح، لأن حكمهما مختلف، وليس أحدهما أولى من الآخر فبطل فيهما، فإن البيع فيه خيار. ولا يشترط التقابض فيه في المجلس، ولا ينفسخ العقد بتلف المبيع والصرف، ويشترط له التقابض، وينفسخ العقد بتلف العين في الإجارة، وإن جمع بين نكاح وبيع بعوض واحد، فقال: زوجتك ابنتي، وبعتك داري بمائة صح في النكاح، لأنه لا يفسد بفساد العوض، وفي البيع وجهان. وإن جمع بين بيع وكتابة، فقال لعبده: بعتك عبدي هذا، وكاتبتك بمائة بطل البيع وجهاً واحداً، لأنه باع عبده لعبده فلم يصح، كبيعه إياه من غير كتابة، وهل تبطل الكتابة؟ يخرج على الروايتين في تفريق الصفقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015