وعليه قيمة ذلك لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قضى في رجل اشترى ناقة، وشرط ثنياها فقال: اذهبوا معه إلى السوق، فإن بلغت أقصى ثمنها، فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها. وعن الشعبي قال: قضى زيد بن ثابت، وأصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بقرة باعها رجل، واشترط رأسها بالشروى. يعني أن يعطيه رأساً مثل رأس.
فصل:
ومن باع شيئاً، واستثنى منفعته مدة معلومة، كجمل اشترط ركوبه إلى موضع معين، وداراً استثنى سكناها شهراً، وعبداً استثنى خدمته سنة صح لما روى جابر: أنه «باع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جملاً واشترط ظهره إلى المدينة» . متفق عليه. ولأنها ثنيا معلومة، فتدخل في خبر أبي هريرة، فإن عرض المشتري على البائع عوضها لم يلزمه قبوله، لأن حقه تعلق بعينها، فأشبه ما لو استأجرها، وإن أراد البائع إجارتها تلك المدة، فقال ابن عقيل: يصح في قياس المذهب، لأنه استحق نفعها فملك إجارتها كالمستأجر. وإن أتلف المشتري العين، فعليه قيمة المنفعة، لتفويته حق غيره. وإن تلف بغير تفريط، فكلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقتضي ذلك بعمومه، ويحتمل أن لا يضمن، لأن البائع لم يملك المنفعة من جهة المشتري، فلم يلزمه عوضها له، كما لو تلفت النخلة المبيعة مؤبرة بثمرتها والحائط الذي استثني منه شجرة، ويحمل كلام أحمد على من فرط. وإن باع المشتري العين صح وتكون المنفعة مستثناة في يد المشتري، فإن لم يعلم به فله الخيار، لأنه عيب، فهو كالتزويج في الأمة، ومن باع أمة واستثنى وطأها لم يصح، لأنه لا يحل إلا في تزويج، أو في ملك يمين، ومن استثنى مدة غير معلومة لم يصح للخبر.
وهي على أربعة أضرب:
أحدها: ما هو من مقتضى البيع، كالتسليم والرد بالعيب فهذا لا أثر له، لأنه بيان وتأكيد لمقتضى العقد.
الثاني: ما هو من مصلحته، كالخيار والأجل والرهن والضمين، فهذا شرط صحيح لازم، ورد الشرع به نذكره في مواضعه.
الثالث: شرط ينافي مقتضى العقد وهو نوعان:
أحدهما: ما لم يبن على التغليب والسراية، كشرط أن لا يملك، ولا يتصرف، ولا يسلم أو لا يعتق، أو إن أعتق فالولاء له أو متى نفق المبيع وإلا رده، أو إن