رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه» . رواه مسلم. وقبض الذهب والفضة والجوهر باليد، وسائر ما ينقل قبضه نقله. وقبض الحيوان أخذه بزمامه، أو تمشيته من مكانه، وما لا ينقل قبضه التخلية بين مشتريه وبينه، لا حائل دونه، لأن القبض مطلق في الشرع، فيجب الرجوع فيه إلى العرف، كالإحياء والإحراز، والعادة ما ذكرناه، وعنه: أن القبض في جميع الأشياء بالتخلية. مع التميز، لأنه قبض فيما لا ينقل فكان قبضاً في غيره.
فصل:
وما يعتبر له القبض إذا تلف قبل قبضه إذا انفسخ العقد، وهو من مال البائع، لأنه تلف قبل تمام ملك المشتري عليه، فأشبه ما تلف قبل تمام البيع. وإن أتلفه المشتري استقر عليه الثمن، لأنه تلف بتصرفه، فاستقر الثمن عليه كما لو قبضه. وإن أتلفه أجنبي لم ينفسخ العقد، لأن له بدلاً يرجع إليه، فلم ينفسخ العقد، كما لو تعيب. ويخير المشتري بين الفسخ والرجوع على البائع بالثمن، لأنه تلف بغير فعل المشتري، أشبه ما لو تلف بفعل الله تعالى، وبين إتمام العقد والرجوع ببدله، لأن الملك له، وإن أتلفه البائع احتمل أن يبطل العقد، لأنه يضمنه إذا تلف في يده بالثمن، فكذلك إذا أتلفه. وقال أصحابنا: الحكم فيه حكم ما لو أتلفه أجنبي، وإن تعيب قبل قبضه، فهو كما لو تعيب قبل بيعه، لأنه من ضمان البائع.
فصل:
وإذا باع شاة بشعير، فأكلته قبل قبضه ولم تكن يد بائعها عليها انفسخ البيع، لأن الثمن هلك قبل القبض بغير فعل آدمي، فإن كانت يده عليها، فهو كإتلافه له، وإن باعها مشتريها ثم هلك الشعير قبل قبضه انفسخ العقد الأول، ولم يبطل الثاني، لأن ذلك كان قبل فسخ العقد، وعلى بائعها الثاني قيمتها، لأنه تعذر عليه ردها، وهكذا إن كان بدله شقصاً فأخذه الشفيع انفسخ البيع الأول، وعلى المشتري رد قيمة الشقص، ويأخذ من الشفيع قيمة الطعام، لأنه الذي اشترى به الشقص.
فصل:
وما لا يحتاج إلى قبض إذا تلف، فهو من مال المشتري. لما روى حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه. قال: «مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حياً مجموعاً، فهو من مال المشتري» . ذكره البخاري. وهذا ينصرف إلى سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا أن يمنعه البائع قبضه فيضمنه، لأنه تلف تحت يد عادية، أشبه ما لو تلف تحت يد الغاصب، وسواء حبسه على قبض الثمن أو غيره إلا أن يكون قد اشترط عليه الرهن في البيع.