أم ولد زيد: إني بعت غلاماً من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته منه بستمائة درهم، فقالت لها: بئس ما شريت وبئسما اشتريت أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا أن يتوب. ولا تقول مثل هذا إلا توقيفاً سمعته من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأن ذلك ذريعة إلى الربا، لأنه أدخل السلعة، ليستبيح بيع ألف بخمسمائة والذرائع معتبرة. فإن اشتراها بسلعة، جاز لأنه لا ربا بين الأثمان والعروض إن اشتراها بنقد غير الذي باعها به، فقال أصحابنا: يجوز لأن التفاضل بينهما جائز، ويحتمل التحريم، لأن النساء بينهما محرم، وإن اشتراها من غير المشتري أو اشتراها أبو البائع أو ابنه جاز. وإن نقصت السلعة لتغير صفتها جاز لبائعها شراؤها بأقل من الثمن، لأن نقص الثمن لنقصان السلعة. وإن نقصت لتغير السوق، أو زادت لم يجز شراؤها بأقل لما ذكرناه.
فصل:
فإن باعها بثمن حال نقده، ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة لم يجز نص عليه، لأنها في معنى التي قبلها سواء.
فصل:
وإن باع طعاماً إلى أجل بثمن، فلما حل الأجل أخذ منه بالثمن طعاماً لم يجز، لأنه ذريعة إلى بيع طعام بطعام نسيئة، فهو في معنى ما تقدم. وكل شيئين حرم النساء فيهما لم يجز أخذ أحدهما عن الآخر قبل قبض ثمنه، وقياس قول أصحابنا في مسألة العينة، أنه يجوز هاهنا أخذ ما يجوز التفاضل بينه وبين الطعام المبيع.
فصل:
ومن اشترى مكيلاً أو موزوناً لم يجز له بيعه حتى يقبضه في ظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والخرقي، وما عداهما يجوز بيعه قبل القبض، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه» . وقال ابن عمر: «رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يبيعوه حتى يؤوه إلى رحالهم» . متفق عليهما. وهذا لا يخلو من كونه مكيلاً أو موزوناً، والحديث يدل بصريحه على منع بيعه قبل قبضه، وبمفهومه على حل بيع ما عداه. وعن أحمد: أن المنع من البيع قبل القبض يخص المطعوم، لاختصاص الحديث به، وما ليس بمطعوم من المكيلات والموزونات يجوز بيعه قبل