في بيع الحاضر له، ذكر الخرقي هذه الثلاثة.
وذكر القاضي شرطين آخرين: أن يقصد بيعها بسعر يومها، ويتضرر الناس بتأخير بيعه، فإذا اجتمعت هذه الشروط، فالبيع باطل للنهي عنه. وعنه: أنه صحيح، لأن النهي عنه لمعنى في غيره، فأما شراء الحاضر للبادي فصحيح، لأنه لا ضيق على الناس فيه، وإذا شرع ما يدفع به الضرر عن أهل المصر لا يلزم شرع ما يتضرر به أهل البدو، فإن الخلق في نظر الشارع على السواء.
فصل:
وأما البيع على بيع أخيه، فهو أن يقول لمن اشترى شيئاً في مدة الخيار: أنا أبيعك مثله بدون هذا الثمن، أو أجود منه بهذا الثمن، فيفسخ العقد، ويشتري سلعته، فيحرم للخبر، ولأن فيه إفساداً أو إنجاشاً. وإن فسخ البيع، واشترى سلعته فالشراء باطل للنهي عنه، وشراؤه على شراء أخيه، كبيعه على بيعه ويحتمل أن البيع صحيح، لأن النهي لمعنى في غير العقد.
فصل:
فأما سومه على سوم أخيه فننظر فيه، فإن كان البائع أنعم للمشتري البيع بثمن معلوم، حرم على غيره سومه، لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يسم الرجل على سوم أخيه» رواه مسلم. وإن لم ينعم له جاز سومها، لما روى أنس «أن رجلاً شكا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشدة والجهد، فقال له: ما بقي لك شيء، قال: بلى قدح وحلس، فأتاه بهما فقال: من يبتاعهما؟ فقال رجل: أنا أبتاعهما بدرهم، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه» . قال الترمذي: هذا حديث حسن. ولأن «فاطمة بنت قيس ذكرت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن معاوية وأبا جهم خطباها، فأمرها أن تنكح أسامة» . متفق عليه. فإن ظهرت منه أمارة الرضى منى غير تصريح به، فقال القاضي: لا تحرم المساومة لخبر فاطمة، ويحتمل أن تحرم لعموم النهي، وليس في خبر فاطمة أمارة على الرضى.
فصل:
فأما بيع العينة فهو أن يبيع سلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن حالاً، فلا يجوز لما روى سعيد، عن غندر، عن شعبة، عن أبي إسحاق عن امرأته العالية بنت أيفع بن شرحبيل قالت: دخلت على عائشة أنا وأم ولد زيد بن أرقم، فقالت