بالعاقد، فأثبت الخيار، كتلقي الركبان، ولو قال البائع: أعطيت بهذه السلعة كذا كاذباً، فاشتراها المشتري لذلك فالبيع صحيح، وله الخيار لما ذكرناه.

فصل:

وتلقي الركبان: أن يخرج الرجل من المصر يتلقى الجلب قبل دخوله، فيشتريه، فيحرم للخبر، ولأنه يخدعهم ويغبنهم، فأشبه النجش، والشراء صحيح. وعنه: أنه باطل للنهي، والمذهب الأول، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى السوق فهو بالخيار» رواه مسلم.

والخيار لا يكون إلا في عقد صحيح، ولأن النهي لضرب من الخديعة، أمكن استدراكها بالخيار، فأشبه بيع المصراة وللبائع الخيار إن غبن غبناً يخرج عن العادة، فإن لم يغبن فلا خيار له. ويحتمل أن له الخيار للخبر، والأول المذهب، لأنه إنما يثبت لدفع الضرر عن البائع، ولا ضرر مع عدم الغبن، والحديث يحمل على هذا، وجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له الخيار إذا هبط السوق يفهم منه الإشارة إلى معرفته بالغبن، فإن خرج لحاجة غير قصد التلقي، فقال القاضي: لا يجوز له الشراء لوجود معنى النهي، ويحتمل الجواز، لعدم دخوله في الخبر. والبيع للركبان كالشراء منهم، لأن النهي عن تلقيهم لدفع الغبن، والشراء والبيع فيه واحد.

فصل:

وبيع الحاضر للبادي: هو أن يخرج الحاضر إلى جلاب السلع، فيقول أنا أبيع لك، فهو حرام للخبر، ولأن فيه تضييقاً على المسلمين، إذ لو ترك الجالب يبيع متاعه باعه برخص، فإذا تولاه الحاضر لم يبعه برخص، وقد أشار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ذلك بقوله: «لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» .

وعنه: لا بأس به، وحمل الخبر على أنه اختص بأول الإسلام، لما كان عليهم من الضيق، والمذهب الأول للخبر والمعنى. قال أصحابنا: إنما يحرم بشروط خمسة: أحدها أن يكون الحاضر قد قصد البادي، ليتولى ذلك، والثاني: أن يكون البادي جاهلاً بالسعر، لأنه إذا كان عالماً به، فهو كالحاضر.

والثالث: أن يكون جلب السلعة لبيعها، فإن جلبها ليدخرها، فلا ضرر على الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015