الأصل الحظر، فإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله. وإن علم أن كلبه أو سهمه القاتل دون الآخر، مثل أن يجرح في المقتل، والآخر في غيره، أو يكون الآخر رد عليه الصيد أبيح لعدم الاشتباه، وكذلك إن علم أن شريك كلبه أو سهمه مما يباح صيده حل لذلك. ولو خرج الصيد، فوقع في ماء، أو تردى تردياً يقتله لم يبح لذلك. وقد روى عدي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا رميت الصيد، فوجدته بعد يوم أو يومين، ليس به إلا أثر سهمك فكل، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل» متفق عليه.
فصل:
ولو صاد المسلم بكلب المجوسي حل، وعنه: لا يحل؛ لقول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] . والأول المذهب؛ لأن هذا آلة فأشبه ما لو صاد بقوسه وسهمه. ولو صاد المجوسي بكلب مسلم لم يبح، كما لو صاد بقوسه.
فصل:
وإن رمى صيداً، أو أرسل كلبه عليه، فغاب عنه، ثم وجده ميتاً وسهمه فيه، أو وجده مع كلبه ولا أثر به، يحتمل أن يقتله غيره حل، لحديث عدي، وعنه: إن غاب نهاراً حل، وإن غاب ليلاً لم يحل.
وعنه: إن غاب يسيراً أكله، وإن غاب كثيراً لم يأكله؛ لأنه يروى عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، والأول أولى للخبر، ولأنه قد وجد سبب إباحته يقيناً، والمعارض مشكوك فيه، فلا يزول عن اليقين بالشك. وإن شك في سهمه، أو من قتل به، أو وجد به أثر يحتمل أنه قتله، أو وجد غريقاً لم يبح للخبر، ولأنه شك في حله فوجب رده إلى أصله.
فصل:
إذا أدرك الصيد، وفيه حياة غير مستقرة، فتركه حتى مات حل لأن عقره قد ذبحه، وكذلك إن لم يبق من الزمان ما يتمكن من ذبحه فيه، وإن وجد فيه حياة مستقرة في زمن يمكن ذبحه فيه، فلم يذبحه حتى مات لم يحل لأنه صار مقدوراً على ذبحه، فلم يبح بغيره، كغير الصيد، فإن لم يكن معه ما يذكيه به، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يباح لذلك.
والثانية: يرسل عليه صائده حتى يقتله فيحل، اختارها الخرقي. لأنه صيد قتله صائده قبل إمكان ذبحه، فأشبه الذي قتله قبل إدراكه.