فصل:
إذا ضرب صيداً فأبان منه عضواً، وبقيت فيه حياة مستقرة، فالعضو حرام لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما أبين من حي فهو ميت» رواه أبو داود. وإن قطعه نصفين أو قطع رأسه، حل جميعه؛ لأنه مات بضربته، وإن قطع منه عضواً وبقي في سائره حياة غير مستقرة حل جميعه؛ لأنها ذكاة لبعضه فكانت ذكاة لجميعه، كما لو أبان رأسه. وقد استحسن أبو عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قول الحسن: لا بأس بالطريدة، قال أبو عبد الله: الطريدة: الغزال، يمر بالعسكر فيضربه القوم بأسيافهم، فيأخذ كل واحد منهم قطعة. قال الحسن: ما زال الناس يفعلون ذلك في مغازيهم، وعن أبي عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه لا يؤكل منه ما أبين في حياته، يؤكل سائره، للخبر. وإن بقي معلقاً بجلده حل رواية واحدة؛ لأنه متصل بجملته، أشبه سائر أعضائه.
فصل:
وإذا أثبت الصيد برميته أو شبكته أو غيرهما من آلات الصيد ملكه، فإن انفلت من الشبكة زال ملكه عنه؛ لأنه لم يستقر، فزال بانفلاته، فإن أخذ الشبكة معه، فصاده آخر رد الشبكة على صاحبها، وملك الصيد إلا أن يكون غير ممتنع بها، فيكون لصاحبها؛ لأنها التي أمسكته. ومن أمسك صيداً، واستقرت يده عليه ثم انفلت لم يزل ملكه عنه لأن اليد استقرت عليه، فلم تزل عنه بانفلاته كبهيمة، فإن أرسله، وقال: قد أعتقتك، لم يزل ملكه عنه؛ لأنه ليس بمحل للعتق.
فصل:
وإن أثبت الصيد بسهمه، فرماه آخر فقتله حرم؛ لأنه صار مقدوراً عليه، فلم يبح بغير الذبح، وعلى الثاني قيمته مجروحاً لصاحبه؛ لأنه أتلفه عليه إلا أن يكون سهم الثاني ذبحه فيحل؛ لأنه ذكاه، فإن ادعى كل واحد منهما أنه الأول حلف كل واحد منهما، وبرئ من الضمان؛ لأن الأصل براءة ذمته، وإن اتفقا على السابق، وأنكر الثاني كون الأول أثبته، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء امتناعه، ويحرم على الأول اعترافه بتحريمه، ويحل للثاني. وإن رمياه فوجداه مثبتاً، لم يعلما من أثبته منهما، فهو بينهما، وإن وجداه ميتاً، ولم يعلما هل أثبته الأول أم لا؟ حل؛ لأن الأصل بقاء امتناعه والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب ما يحل ويحرم الحيوان ثلاثة أقسام: أهلي، فيباح منه بهيمة الأنعام؛ لقول الله تعالى: