والثانية: لا يحرم، لما روى أبو ثعلبة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل وإن أكل» رواه أبو داود. والأولى أولى؛ لأن حديثنا أصح، ولا يحرم المتقدم من صيوده؛ لأنها وجدت مع اجتماع شروط التعلم فيه، فلا تحريم بالاحتمال، وإن شرب من دم الحيوان، لم يحرم رواية واحدة؛ لأنه لم يأكل، ولأن الدم لا ينفع الصائد، فلا يخرج بشربه عن أن يكون ممسكاً على صائده.

فصل:

وما أصاب فم الكلب، وجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب، كغيره من المحال ويحتمل أن لا يجب؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] ولم يأمر بالغسل، ولأنه يشق إيجاب غسله فسقط.

فصل:

ويباح الصيد بغير الحيوان؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي ثعلبة: «ما صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه فكل» ولأن أبا قتادة شد على حمار وحشي فقتله، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما هي طعمة أطعمكموها الله» متفق عليهما. فما كان محدداً كالسهم والسيف، حل ما قتل به إذا اجتمعت الشروط، كالمعلم من الجوارح، وما لم يكن محدداً كالشباك، والأشراك والعصي والحجارة والبندق، فما أدرك ذكاته حل، وما لم يدرك ذكاته لم يحل، كغير المعلم؛ لأنه لم يقتل بجروحه، فيكون قتيله منخنقة أو موقوذة. ولو قتل المحدد الصيد بعرضه أو ثقله لم يبح لذلك، ولما روى عدي قال: «سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيد المعراض، فقال: ما خزق فكل، وما قتل بعرضه فهو وقيذ فلا تأكل» متفق عليه. ولو نصب المناجل لصيد وسمى، فجرحت الصيد وقتلته أبيح لأنها آلة محددة فأشبهت السهم، ولو وقع السهم على الأرض ثم وثب فقتل الصيد، أو أعانته الريح، ولولاها ما وصل حل لحديث أبي ثعلبة.

فصل:

إذا اجتمع في الصيد مبيح ومحرم، مثل أن يقتله بمثقل ومحدد، أو بسهم مسموم، أو بسهم مسلم، وبسهم مجوسي، أو سهم غير مسمى عليه، أو كلب مسلم وكلب مجوسي، أو غير مسمى عليه، أو غير معلم، أو اشتركا في إرسال الجارحة عليه، أو وجد مع كلبه كلباً لا يعرف مرسله، أو لا يعرف حاله، أو وجد مع سهمه سهماً كذلك لم يبح الصيد؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أرسلت كلبك وسميت فكل وإن وجدت معه غيره فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر» ولأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015