خوف على نفسه أو ماله، كالرعاة في هذا؛ لأنهم في معناهم، لكن إذا غربت الشمس عليهم بمنى لزم الرعاة البيتوتة دون أهل السقاية؛ لأن الرعاة رعيهم في النهار، فلا حاجة لهم في الخروج ليلاً فهم كالمريض تسقط عنه الجمعة، وإن حضرها وجبت عليه، وأهل السقاية يستقون بالليل، فلا يلزمهم المبيت.

فصل:

ومن عجز عن الرمي جاز أن يستنيب من يرمي عنه؛ لأن جابراً قال: لبينا عن الصبيان، ورمينا عنهم، والأفضل أن يضع كل حصاة في يد النائب ويكبر النائب، فإن رمى عنه، ثم برئ لم يلزمه إعادته؛ لأن الواجب سقط بفعل النائب، وإن أغمي على إنسان، فرمى عنه إنسان، فإن كان أذن له جاز، وإلا فلا.

فصل:

ويسن أن يخطب الإمام يوم النفر، وهو أوسط أيام التشريق، ويعلم الناس حكم التعجيل، والتأخير، وتوديعهم، لما روي عن رجلين من بني بكر، قالا: «رأينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب بين أوسط أيام التشريق، ونحن عند راحلته» ، أخرجه أبو داود. ولأن بالناس حاجة إلى أن يعلمهم ذلك، فشرعت الخطبة فيه، كيوم عرفة.

فصل:

وإذا كان رمي اليوم الثاني، وأحب أن ينفر، نفر قبل غروب الشمس، وسقط عنه المبيت تلك الليلة، والرمي بعدها، وإن غربت وهو في منى، لزمته البيتوتة، والرمي من الغد بعد الزوال؛ لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] . وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه» رواه الترمذي. واليوم: اسم لبياض النهار. وإن رحل، وخرج ثم عاد إليها لحاجة، فلم يلزمه المبيت، ولا الرمي؛ لأن الرخصة قد حصلت له بالتعجيل. قال بعض أصحابنا: يستحب لمن نفر أن ينزل المحصب، ثم يدخل مكة، لما روى نافع قال: «كان ابن عمر يصلي بها الظهر، والعصر والمغرب، والعشاء، ثم يهجع هجعة، ويذكر ذلك عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . متفق عليه. وقال ابن عباس وعائشة: «ليس نزول الأبطح بسنة، إنما نزله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليكون أسمح لخروجه» . متفق عليه. وهذا لفظ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015