فيطيل المقام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقف عندها» . رواه أبو داود. ولا يجزئه الرمي إلا بعد الزوال، مرتباً للخبر. فإن نكسه فبدأ بالثالثة، ثم بالثانية، ثم بالأولى لم يعتد له إلا بالأولى. وإن ترك الوقوف والدعاء، فلا شيء عليه؛ لأنه دعاء مشروع، فلم يجب كما في سائر المشاعر.
فصل:
ولا ينقص من سبع. والمشهور عن أحمد أن استيفاءها غير واجب.
وقال: من رمى بست حصيات لا بأس، وخمس حسن، وأقل من خمس لا يرمي أحد وأحب إلي سبع، لما روى سعد قال: «رجعنا من الحجة مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعضنا يقول: رميت بست، وبعضنا يقول: رميت بسبع، فلم يعب في ذلك بعضنا على بعض» . رواه الأثرم. وعنه: أن استيفاء السبع شرط؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رمى بسبع، وقال: «خذوا عني مناسككم» فعلى هذه الرواية إن أخل بحصاة من الأولى، لم يصح رمي الثانية، فإن لم يعلم من أي الجمار تركها حسبها من الأولى ليسقط الفرض بيقين، فإن ترك الرمي كله حتى مضت أيام التشريق فعليه دم؛ لأنه ترك نسكاً واجباً.
وإن ترك حصاة أو اثنتين، فعلى الرواية الأولى لا شيء عليه، وعلى الثانية يخرج فيها مثل ما ذكرنا في ليالي منى.
وعنه: من رمى بست ناسياً لا شيء عليه. فإن تعمده تصدق بشيء، وإن أخر رمي يوم إلى آخر أو أخر الرمي كله إلى اليوم الثالث، ترك السنة، ولا شيء عليه، لكنه يقدم بالنية رمي الأول، ثم الثاني ثم الثالث؛ لأن أيام التشريق كلها وقت للرمي، فجاز تأخيره إلى آخر وقته، كتأخير الوقوف بعرفة إلى الليل. وإنما وجب الترتيب بالنية؛ لأنها عبادات يجب الترتيب فيها، مع فعلها في أيامها، فوجب مع فعلها مجموعة، كالصلوات.
فصل:
ويجوز لرعاة الإبل، وأهل سقاية الحاج ترك المبيت بمنى ليالي منى، وترك رمي اليوم الأول، إلى الثاني، أو الثالث، إن أحبوا أن يرموا الجميع في وقت واحد، والرمي في الليل، فيرمون رمي كل يوم في الليلة المستقبلة، لحديث ابن عمر في الرخصة للعباس. وقال عاصم بن عدي: «رخص رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرعاة الإبل أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين، بعد يوم النحر، يرمونه في أحدهما» . حديث صحيح. ولأنهم يشتغلون بالرعاية، واستقاء الماء، فرخص لهم ذلك. وكل ذي عذر من مرض، أو