فصل:
ثم يرجع إلى منى من يومه، فيمكث بها ليالي أيام التشريق، لما روت عائشة قالت: «أفاض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق» .
وهل المبيت بها واجب أم لا؟ فيه روايتان:
إحداهما: ليس بواجب؛ لقول ابن عباس: إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت، ولأنه مبيت بمنى، فلم يجب كليلة عرفة.
والثانية: هو واجب؛ لأن ابن عمر روى «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته» . متفق عليه. فيدل على أنه لا رخصة لغيره.
فعلى هذا، إن تركه، فقال أحمد: يطعم شيئاً تمراً أو نحوه، وخففه، وهذا يدل على أنه أي شيء تصدق به أجزأه.
وعنه في ليلة مد، وفي ليلتين مدان.
وعنه: في ليلة درهم، وفي ليلتين درهمان، لما ذكرنا في الشعر.
وعنه: في ليلة نصف درهم، فأما الليلة الثالثة، فلا شيء في تركها؛ لأنها لا تجب إلا على من أدركه الليل بها.
فإن تركها في هذه الحال مع الليلتين الأوليتين، فعليه في الثلاث دم، في إحدى الروايتين.
فصل:
ثم يرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق بعد الزوال، كل جمرة في كل يوم بسبع حصيات، يبتدئ بالجمرة الأولى، وهي أبعدها من مكة، وتلي مسجد الخيف، فيجعلها عن يساره، ويستقبل القبلة ويرميها، كما وصفنا جمرة العقبة. ثم يتقدم عنها إلى موضع لا يصيبه الحصى، فيقف وقوفاً طويلاً، يدعو الله رافعاً يديه، ثم يتقدم إلى الوسطى، فيجعلها عن يمينه ويرميها كذلك ويفعل من الوقوف والدعاء فعله في الأولى، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع على صفة رميه يوم النحر، ولا يقف عندها، لما روت عائشة، «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرات إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، يقف عند الأولى والثانية،