ومن لا شعر له فلا شيء عليه؛ لأنها عبادة تتعلق بمحل فسقطت بذهابه، كغسل اليد في الوضوء، ويستحب أن يمر الموسى على رأسه لأن ابن عمر قال ذلك.

فصل:

وفي الحلاق والتقصير روايتان:

إحداهما: ليس بنسك، إنما هو استباحة محظور؛ لأنه محرم فلم يكن نسكاً، كالطيب، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أبا موسى أن يتحلل بطواف وسعي، ولم يذكر تقصيراً.

والثانية: هو نسك، وهو أصح لقول الله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] . ولأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمر به بقوله: «فليقصر وليحلل» ودعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة. والتفاضل إنما هو في النسك، وقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنما على النساء التقصير» فإن قلنا: هو استباحة محظور، فله الخير بين فعله وتركه، والأخذ من بعضه دون بعض، ويحصل التحلل الأول برمي الجمرة قبله، فيحل له كل محرم بالإحرام إلا النساء، وما يتعلق بهن من الوطء والعقد والمباشرة، لما روت أم سلمة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم النحر: «إن هذا يوم رخص لكم، إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا - يعني من كل شيء - إلا النساء» رواه أبو داود.

وعنه: يحل له كل شيء إلا الوطء في الفرج. وإن قلنا، هو نسك فعليه الحلق، أو التقصير من جميع رأسه؛ لقول الله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] .

وحلق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميع رأسه.

وعنه: يجزئه بعضه كالمسح، ويقصر قدر الأنملة؛ لأن ابن عمر قال ذلك، وإن أخذ أقل من ذلك جاز؛ لأن الأمر به مطلق، ولا يحصل التحلل الأول إلا به مع الرمي؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وليقصر وليحلل» .

والأولى حصول التحلل بالرمي وحده، لحديث أم سلمة، عن ابن عباس مثله. وإن أخر الحلاق إلى آخر أيام النحر جاز؛ لأن تأخير النحر جائز، وهو مقدم على الحلق فالحلق أولى، وإن أخره عن ذلك ففيه روايتان:

إحداهما: عليه دم؛ لأنه ترك النسك في وقته، فأشبه تأخير الرمي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015