فصل:

ويحرم عليه شراء الصيد واتهابه؛ لما روى ابن عباس، «أن الصعب بن جثامة، أهدى إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حماراً وحشياً، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» متفق عليه، ولأنه سبب يتملك به الصيد، فلم يملكه به المحرم، كالاصطياد، ومتى ملك الصيد بجهة محرمة، حتى حل؛ لم يبح له، وعليه إرساله، فإن تلف أو أتلفه فعليه فداؤه؛ لأنه تلف بسبب كان في إحرامه فضمنه كما لو جرحه فمات بعد حله، وإن ذبحه بعد التحلل لم يبح عند القاضي؛ لأنه صيد لزمه ضمانه، فلم يبح ذبحه، كحلال الإحرام.

وقال أبو الخطاب: يباح؛ لأنه ذبحه في حال حله، فأبيح كغيره، وإن أحرم وفي ملكه صيد؛ لم يزل ملكه عنه؛ لأنه ملك فلا يزول بالإحرام، كملك البضع، وله بيعه وهبته، وإن كان في يده المشاهدة أو قفص أو حبل معه، فعليه إرساله، فإن لم يفعل فأرسله إنسان، فلا ضمان عليه؛ لأنه ترك فعل الواجب، فإن ترك حتى تحلل، فحكمه حكم ما صاده، قال في الشرح: فملكه باق عليه، وإن مات من يرثه وله صيد، ورثه؛ لأن الملك بالإرث يثبت حكماً، بغير اختياره، ويثبت للصبي والمجنون، فأشبه استدامة الملك، ويحتمل أن لا يملكه؛ لأنه ابتداء ملك فأشبه الشراء.

فصل:

والصيد المحرم: ما جمع صفات ثلاث:

أحدها: أن يكون من صيد البر؛ لأن صيد البحر حلال؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وصيد البحر ما يفرخ فيه ويأوي إليه، فأما طير الماء فهو من صيد البر المحرم لأنه يتعيش في البحر ولا يعيش فيه، وفي الجراد الجزاء لأن ذلك يروى عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه لا يعيش إلا في البر فهو كسائر الطير، وعنه: لا جزاء فيه؛ لأنه يروى عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه من صيد البحر، ويروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من طريق ضعيف.

الثاني: أن يكون وحشياً، فأما الأهلي كبهيمة الأنعام، والدجاج، فليس بمحرم؛ لأنه ليس بصيد، ولذلك يذبح الهدايا والأضاحي، والاعتبار في ذلك بالأصل لا بالحال، فلو تأنس الوحشي كحمار الوحش والغزال والحمام لم يحل وفيه الجزاء، ولو توحش الإنسي لم يحرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015