لبس ثوباً كان مطيباً فانقطع ريحه، وكان بحيث إذا رش فيه ماء فاح ريحه، فعليه الفدية لأنه مطيب، وإلا فلا، وإن فرش فوق المطيب ثوب صفيق يمنع الرائحة والمباشرة، فلا فدية عليه بالنوم عليه، وإن كان الحائل بينهما ثياب بدنه، فعليه الفدية؛ لأنه يمنع من استعمال الطيب في ثيابه، كما يمنع منه في بدنه. والطيب كل ما يتطيب به، أو يتخذ منه طيب، كالمسك والكافور والعنبر والزعفران والورس والورد والبنفسج، والأدهان المطيبة بشيء من ذلك، كدهن الورد والبنفسج والخيري والزنبق ونحوها.
وفي الريحان الفارسي روايتان:
إحداهما: ليس بطيب؛ لأن عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال في المحرم: يدخل البستان ويشم الريحان، ولأنه إذا يبس ذهبت رائحته أشبه بنت البرية.
والثانية: هو طيب؛ لأنه يتخذ للطيب، أشبه الورد في سائر النبات الطيب الرائحة الذي لا يتخذ منه طيب كالمرزنجوش والنرجس والبرم، وجهان قياساً على الريحان، وقال أبو الخطاب: في الورد والخيري والبنفسج والياسمين روايتان، كالريحان، والصحيح أنه طيب؛ لأنه يتخذ منه طيب، فهو كالزعفران، فأما نبت البرية، كالشيح والقيصوم والإذخر والخزامى والفواكه كالأترج والتفاح والسفرجل والحناء، فليس بطيب؛ لأنه لا يقصد للطيب ولا يتخذ منه طيب، فأشبه العصفر، وقد ثبت أن العصفر ليس بطيب؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولتلبس ما شاءت من ألوان الثياب من معصفر» وكان أزواج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحرمن في المعصفرات، وإن مس المحرم طيباً يعلق بيده، فعليه الفدية؛ لأنه طيب يده، وإن مس ما لا يعلق بيده، كقطع الكافور والعنبر فلا فدية؛ لأنه لم يتطيب، وإن شمه فعليه الفدية؛ لأنه يستعمل هكذا، وإن شم العود فلا فدية عليه؛ لأنه لا يستعمل هكذا ولا تقصد رائحته، وإن تعمد لشم الطيب، مثل أن دخل الكعبة، وهي تجمر، أو حمل مسكاً ليشم رائحته، أو جلس عند العطار لذلك، فعليه الفدية؛ لأنه شمه قاصداً له، مبتدئاً به في الإحرام، فأشبه ما لو باشره، وإن لم يقصد ذلك، كالجالس عند العطار لحاجة أخرى، أو دخل الكعبة ليتبرك بها أو حمل الطيب من غير مس للتجارة، فلا يمنع منه؛ لأنه لا يمكن التحرز منه فعفي عنه.
فصل:
الثامن: الصيد، حرام صيده وقتله وأذاه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]