فصل:
السادس: تغطية الرأس؛ لنهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لبس العمائم، ولقوله في الذي مات محرماً «لا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً» ويحرم تغطية بعضه؛ لأن النهي تناول جميعه، ولا يجوز أن يعصبه بعصابة ولا سير، ولا يجعل عليه شيئاً يلصق به، سواء كان فيه دواء، أو لا دواء فيه، ولا يطينه بطين ولا حناء، ولا دواء يستره؛ لأنه نوع تغطية، وفيه الفداء لما ذكرنا في اللباس. فإن حمل عليه طبقاً، أو وضع يده عليه، فلا بأس؛ لأنه لا يقصد به الستر، ولو ترك فيه طيباً قبل إحرامه؛ لم يمنع من استدامته؛ لقول عائشة: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في رأس رسول الله وهو محرم» ، ولا يمنع من تلبيده بصمغ، وعسل؛ ليتلبد ويجتمع الشعر، فإن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إني لبدت رأسي» وهو محرم. متفق عليه، ولا يمنع من تغطية وجهه؛ لأن عثمان وسعداً وعبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت أجازوه، وعنه: يمنع منه؛ لأنه في بعض لفظ حديث ابن عباس في الميت المحرم، «ولا تخمروا وجهه ولا رأسه» متفق عليه وفي تظليل المحمل روايتان:
إحداهما: ليس له أن يتظلل به؛ لأن ابن عمر قال: اضح لمن أحرمت له، أي: ابرز للشمس، ولأنه ستر رأسه بما يقصد به الترفه، أشبه تغطيته، وتلزمه الفدية؛ لما ذكرنا.
والثانية: له أن يتظلل؛ لأنه ليس بمباشر للرأس، أشبه الخيمة، وله أن يتظلل بثوب على عود؛ لما روت أم الحصين قالت: «حججت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة» . رواه مسلم. ولا بأس بالتظلل بالخيمة والسقف والشجرة وأشباه ذلك؛ لأنه لا يلازمه، أشبه ظل الجبال والحيطان.
فصل:
السابع: الطيب، يحرم عليه استعماله في بدنه وثيابه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الميت المحرم «ولا تقربوه طيباً» وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يلبس من الثياب ما مسه ورس أو زعفران» وتجب به الفدية لما ذكرنا في اللباس، ويحرم عليه المبخر بالطيب والمصبوغ به، قياساً على المزعفر، ولا يجوز أن يأكل طيباً، ولا يكتحل به، ولا يستعط به، ولا يحتقن به؛ لأنه استعمال للطيب، وإن كان في الطعام طيب يظهر ريحه؛ لم يجز أكله لأنه يأكل طيباً، وإن لم يظهر له ريح جاز أكله، وإن ظهر لونه، وإن ظهر طعمه فظاهر كلام أحمد المنع منه؛ لأن الطعم لا يكاد ينفك عن الرائحة، وإن