والأخرى: هو شرط؛ لأن الكفر ينافي الأمانة. وقد قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا تأتمنوهم وقد خونهم الله تعالى. قال أصحابنا: وجوز أن يكون من ذوي القربى؛ لأن ما يأخذه أجرة فلم يمنع منها كأجرة الحمل، وظاهر الخبر يمنع ذلك، فإن «الفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة سألا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالا: يا رسول الله، لو بعثتنا على هذه الصدقة فنصيب منها ما يصيب الناس، ونؤدي إليك ما يؤدي الناس. فأبى أن يبعثهما، وقال: إن هذه الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس» رواه مسلم.

فصل:

وإذا كان الساعي يبعث لأخذ العشر بعث في وقت إخراجه، وإن بعث لقبض غيره، بعث في أول محرم؛ لأنه أول السنة. ويستحب أن يعد الماشية على أهلها على الماء أو في أفنيتهم، لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «تؤخذ صدقات الناس على مياههم وأفنيتهم» ، وإن أخبره صاحب المال بعدده قبل منه، وإن قال: لم يكمل الحول أو فرقت زكاته ونحو هذا مما يمنع الأخذ منه، قبل منه ولم يحلفه؛ لأن الزكاة عبادة وحق لله تعالى، فلا يحلف عليهما كالصلاة والحد. وإن أعطاه صدقته، استحب أن يدعو له، لقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] . وروى عبد الله بن أبي أوفى قال: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقة فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى» متفق عليه. ولا يجب الدعاء لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمر سعاته بذلك. ويستحب أن يقول: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، وجعله لك طهوراً. ويستحب للمعطي أن يقول: اللهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً. وإن وجد الساعي مالاً لم يكمل حوله، فسلفه ربه زكاته أخذها، وإن أبى لم يجبره؛ لأنه ليس بواجب عليه، فإما أن يوكل من يقبضها منه عند حولها، وإما أن يؤخرها إلى الحول الثاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015