فصل:
والصاع خمس أرطال وثلث بالعراقي، وهو بالرطل الذي وزنه ستمائة درهم رطل وأوقية وثلثا أوقية إلى ثلثي درهم.
قال أحمد: الصاع: خمسة أرطال وثلث حنطة، فإن أعطى خمسة أرطال وثلثاً تمراً فقد أوفى، وقيل له: إن الصيحاني ثقيل، فقال: لا أدري. وهذا يدل على أنه ينبغي أن يحتاط في الثقيل بزيادة شيء على خمسة أرطال وثلث ليسقط الفرض بيقين. ومصرفها مصرف زكاة المال؛ لأنها زكاة. ويجوز إعطاء الواحد ما يلزم الجماعة، كما يجوز دفع زكاة مالهم إليه، وإعطاء الجماعة ما يلزم الواحد كما يجوز تفرقة ماله عليهم.
لا يجوز إخراج الزكاة إلا بنية، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات» ولأنها عبادة محضة فافتقرت إلى النية كالصلاة، ويجوز تقديمها على الدفع بالزمن اليسير كما في سائر العبادات، ولأنه يجوز التوكل فيها بنية غير مفارقة لأداء الوكيل. ويجب أن ينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة، أو صدقة المال، أو الفطر، فإن نوى صدقة مطلقة لم تجزه؛ لأن الصدقة تكون نفلاً فلا ينصرف إلى الفرض إلا بتعيين، ولو تصدق بجميع ماله تطوعاً لم يجزه؛ لأنه لم ينو الفرض. ولا يجب تعيين المال المزكى عنه، فإن كان له نصابان، فأخرج الفرض عن أحدهما بعينه أجزأه؛ لأن التعيين لا يضر، وإن أطلق عن أحدهما أجزأه؛ لأنه لو أطلق لكان عن أحدهما فلا يضر التقييد به. وإن نوى أنه لو كان الغائب سالماً فهو زكاته وإلا فهو عن الحاضر، صح، وكان على ما نواه. وإن نوى أنه زكاة أو تطوع لم يصح؛ لأنه لم يخلص النية للفرض، وإن نوى أنه زكاة مالي وإن لم يكن سالماً فهو تطوع صح؛ لأنه هكذا يقع فلا يضر التقييد به، ولو نوى إن كان أبي قد مات فصار ماله لي فهذا زكاته لم يصح؛ لأنه لم يبن على أصل. ولو نوى عن ماله الغائب فبان تالفاً لم يكن له صرفه إلى الحاضر؛ لأنه عينه للغائب، فأشبه ما لو أعتق عبداً عن كفارة لم يملك صرفه إلى أخرى.
فصل:
وإذا كان في إخراج الزكاة، ونوى عند الدفع إلى الوكيل ونوى الوكيل عند الأداء، جاز. وإن نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجزه؛ لأنها فرض عليه فلم يجزه من غير نية، وإن نوى الموكل عند الدفع إلى الوكيل ولم ينو الوكيل عند الدفع.
فقال أبو الخطاب: يجزئ؛ لأن الذي عليه الفرض قد نوى، ويحتمل أنه إن نوى