روى أبو سعيد قال: «كنا نعطيها في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: إن مداً من هذا يعدل مدين. قال أبو سعيد: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه» . متفق عليه.

ومن قدر على هذه الأصناف الأربعة لم يجزه غيرها؛ لأنها المنصوص عليها فأيها أخرج أجزأه، سواء كانت قوته أو لم تكن لظاهر الخبر. ويجزئ الدقيق والسويق من الحنطة والشعير لقول أبي سعيد، «لم نخرج على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من دقيق، ثم شك فيه سفيان بعد، فقال: دقيق أو سلت» . رواه النسائي. ولأنه أجزاء بحب يكال أو يدخر، فأشبه الحب. ويجزئ إخراج صاع من أجناس إذا لم يعدل عن المنصوص؛ لأن كل واحد منها يجزئ منفرداً فأجزأ بعض من هذا وبعض من هذا، كما لو كان العبد لجماعة، وقال أبو بكر يتوجه قول آخر أنه يعطي ما قام مقام هذه الخمسة لظاهر قوله: صاعاً من طعام. قال: والأول أقيس. وفي الأقط روايتان:

إحداهما: يجزئ إخراجه مع وجود غيره؛ لأنه في الخبر.

والثانية: لا يجزئ إلا عند عدم الأصناف. قال الخرقي: إن أعطى أهل البادية الأقط أجزأ إذا كان قوتهم، وذلك لأنه لا يجزئ في الكفارة ولا تجب الزكاة فيه، فإن عدم الخمسة أخرج ما قام مقامها من كل مقتات من الحب والتمر، وقال ابن حامد: يخرجون من قوتهم أي شيء كان، كالذرة والدخن ولحوم الحيتان والأنعام.

فصل:

والأفضل عن أبي عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إخراج التمر. لما روى مجاهد قال: قلت لابن عمر: إن الله قد أوسع والبر أفضل من التمر. قال: إن أصحابي قد سلكوا طريقاً وأنا أحب أن أسلكه، فآثر الاقتداء بهم على غيره. وكذلك أحمد. ثم بعد التمر البر؛ لأنه أكثر نفعاً وأجود.

فصل:

ولا يجزئ الخبز لأنه خارج من الكيل والادخار، ولا حب معيب ولا مسوس، ولا قديم تغير طعمه، لقول الله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] . ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015