منها، بإيفاء صاحبها، أو التحلل منه؛ لأن الحق لأدمي، فلا يبرأ منه إلا بأدائه أو إبرائه، وإن عجز عن ذلك، عزم على إيفائه متى قدر، وإن كان قذفاً فإقلاعه عنه، إكذابه لنفسه؛ لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: توبة القاذف إكذابه نفسه، ولأنه بالقذف ألحق العار به، فإكذابه نفسه يزيله، فإن لم يكن كاذباً، قال: قذفي لفلان كان باطلاً، وقد ندمت عليه، ولا يعتبر مع التوبة إصلاح العمل؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال لأبي بكرة: تب، أقبل شهادتك، ويحتمل أن يعتبر مضي مدة تعلم توبته فيها؛ لأن الله تعالى قال: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 5] ، وقال: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16] .

فصل

وتقبل شهادة العبد، فيما خلا الحد، والقصاص لقول الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، والعبد عدل تقبل روايته، وفتياه، وأخباره الدينية، فيدخل في العموم.

وعن عقبة بن الحارث، أنه قال: «تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: أرضعتكما، فذكرت ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: كيف وقد زعمت ذلك» متفق عليه، ولأنه عدل غير متهم، فأشبه الحر، ولا تقبل شهادته في الحد؛ لأنه يدرأ بالشبهات، وفي شهادة العبد شبهة، لوقوع الخلاف فيها، وفي القصاص احتمالان: أحدهما: لا تقبل فيه كذلك.

والثاني: تقبل؛ لأنه حق آدمي، لا يصح الرجوع عن الإقرار به، فأشبه الأموال، وذكر الشريف، وأبو الخطاب في جميع العقوبات روايتين.

فصل

وتجوز شهادة الأمة، فيما تجوز به شهادة النساء، لحديث عقبة بن الحارث، وحكم المدبر، والمكاتب، وأم الولد، حكم القن في ذلك؛ لأنهم أرقاء.

فصل

ويعتبر استمرار شروط العدالة حتى يتصل بها الحكم، فإن شهد عند الحاكم، فلم يحكم بشهادته، حتى حدث منه ما لا تجوز معه شهادته، لم يحكم بها؛ لأن العدالة أن الإنسان يستبطن الفسق، ويظهر العدالة، فلا يؤمن أن يكون فاسقاً حين أداء شهادته، فلم يجز الحكم بها مع الشك فيها، وإن حدث ذلك منه بعد الحكم وقبل الاستيفاء، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015