فأما اللعب بالحمام، فإن كان يقصد به تعليمها حمل الكتب ونحوها مما تدعو الحاجة إليه، فلا بأس به؛ لأنه كتأديب الفرس، وإن كان لغرض محرم من القمار، أو أخذ حمام غيره ونحوه، فهو محرم، وإن كان عبثاً، فهو دناءة وسفه، فما دام عليه صاحبه من المحرم والسفه، لم تقبل شهادته، لزوال عدالته، وما ندر لم يمنع؛ لأنه من الصغائر، فأما اللعب بآلات الحرب، كالمناضلة، وتأديب الفرس، والثقاف، فمندوب إليه، لما فيه من القوة للجهاد، وقد لعب الحبشة بالحراب والدوق، بين يدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مسجده.

فصل

وهي نوعان: محرم: وهي الآلات المطربة، من غير غناء كالمزمار، وسواء كان من عود أو قصب، كالشبابة، أو غيره، كالطنبور، والعود، والمعزفة، لما روى أبو أمامة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله بعثني رحمة للعالمين، وأمرني بمحق المعازف والمزامير» رواه سعيد في " سننه "، ولأنها تطرب، وتصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، فحرمت كالخمر.

النوع الثاني: مباح، وهو: الدف في النكاح؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدف» رواه الترمذي، وابن ماجة.

وفي معناه، ما كان في حادث سرور، ويكره في غيره، لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنه كان إذا سمع صوت الدف، بعث فنظر، فإن كان في وليمة سكت، وإن كان في غيره، عمد بالدرة، وهو مكروه للرجل على كل حال، لتشبهه بالنساء.

وأما الضرب بالقصب، فليس بمطرب، فلا يحرم، وإنما هو تابع للغناء، فيتبعه في الكراهة، ومن أدمن على شيء من ذلك، ردت شهادته؛ لأنه إما معصية، وإما دناءة وسقوط مروءة.

فصل

قال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يعجبني الغناء؛ لأنه ينبت النفاق في القلب، وقال: من خلف ولداً يتيماً له جارية مغنية تباع ساذجة، واختلف أصحابنا فيه، فذهب طائفة إلى تحريمه؛ لأنه يروى عن ابن عباس، وابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الغناء ينبت النفاق في القلب» ، وذهب أبو بكر والخلال، إلى إباحته مع الكراهة، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015