وأشباه ذلك مما يجتنبه أهل المروءات؛ لأنه لا يأنف من الكذب، بدليل ما روى أبو مسعود البدري، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح، فاصنع ما شئت» ، وفي أصحاب الصنائع الدنيئة، كالكساح، والزبال، والقمام، والقراد، والكباش، والمشعوذ، والحجام وجهان: أحدهما: لا تقبل شهادته؛ لأن هذا دناءة يجتنبه أهل المروءات، فأشبه ما قبله.

والثاني: تقبل شهادتهم إذا حسنت طريقتهم في دينهم؛ لأن الله تعالى قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] ، وألحق أصحابنا بهذه الصنائع، الحياكة، والدباغة، والحراسة، لدناءتها، والأولى في هذه قبول الشهادة؛ لأنه قد تولاها كثير من الصالحين وأهل المروءة.

ومن كانت صناعته محرمة، كصانع المزامير، والطنابير، لا تقبل شهادته؛ لأنه مدمن على المعاصي، ساقط المروءة، وكذلك المقامر؛ لأن القمار من الميسر الذي أمر الله باجتنابه، وفيه دناءة، وسفه، وأكل مال بالباطل.

فصل

ويحرم اللعب بالنرد والشطرنج، وإن خلا من القمار، لما روى أبو موسى قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من لعب بالنردشير، فقد عصى الله ورسوله» ، رواه أبو داود.

وعن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن لله تعالى ثلاثمائة وستين نظرة، ليس لصاحب الشاه فيها نصيب» ، رواه أبو بكر.

ومر علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على قوم يلعبون بالشطرنج، فقال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] ، ولأنه لعب يصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، فأشبه القمار، والنرد أشد من الشطرنج، نص عليه أحمد للاتفاق عليه، وثبوت الخبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015