لعمرو بن العاص، روى هذه القصة أبو داود وغيره، وروى حنبل عن أحمد: أن شهادة بعضهم على بعض جائزة، لما روى جابر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجاز شهادة بعض أهل الذمة على بعض» ، رواه ابن ماجة، ولأن بعضهم يلي بعضاً، فتجوز شهادتهم عليهم، كالمسلمين، والمذهب الأول.

قال الخلال: غلط حنبل فيما رواه لا شك فيه، والخبر يرويه مجالد، وهو ضعيف، ويحتمل أنه أراد اليمين فإنها شهادة.

فصل

الشرط السادس: العدالة، فلا تقبل شهادة فاسق؛ لقول الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6] ، وقوله سبحانه وتعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] ، إلى قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] ، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه» ، رواه أبو داود.

ويعتبر في العدالة شيئان: أحدهما: اجتناب الكبائر، والإدمان على الصغائر، والكبائر كل ما فيه حد، أو وعيد، فمن فعل كبيرة، أو أكثر من الصغائر، فلا تقبل شهادته؛ لأنه لا يؤمن من مثله شهادة الزور، ولأن الله تعالى نص على القاذف، فقسنا عليه مرتكب الكبائر، واعتبرنا في مرتكب الصغائر الأغلب؛ لأن الحكم للأغلب، بدليل قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8] ، والآية التي بعدها.

ولا يقدح فيه في عمل صغيرة نادراً؛ لأن أحداً لا يسلم منها، ولهذا روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: «إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما» والثاني: المروءة، فلا تقبل شهادة غير ذي المروءة، كالمغني، والرقاص، والطفيلي، والمتمسخر، ومن يحدث بمباضعة أهله، ومن يكشف عورته في الحمام، أو غيره، أو يكشف رأسه في موضع لا عادة بكشفه فيه، ويمد رجليه في مجمع الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015