ومن كانت عنده شهادة في حد الله، لم يستحب أداؤها؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ستر عورة مسلم، ستره الله في الدنيا والآخرة» .

وتجوز الشهادة به؛ لقول الله تعالى: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] ، والله أعلم.

[باب من تقبل شهادته ومن ترد]

يعتبر في الشاهد المقبول شهادته ستة شروط: أحدها: العقل، فلا تقبل شهادة طفل، ولا مجنون، ولا سكران، ولا مبرسم؛ لأن قولهم على أنفسهم لا يقبل، فعلى غيرهم أولى.

والثاني: البلوغ، فلا تقبل شهادة صبي؛ لقول الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] ، والصبي ليس من رجالنا، ولأنه ليس بمكلف، أشبه المجنون، وعنه: تقبل شهادة ابن العشر إذا كان عاقلاً؛ لأنه يؤمر بالصلاة، ويضرب عليها، أشبه البالغ.

وعنه: تقبل شهادته في الجروح خاصة، إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحال التي تجارحوا عليها؛ لأنه قول ابن الزبير، والمذهب الأول.

والثالث: الضبط فلا تقبل شهادة من يعرف بكثرة الغلط والغفلة؛ لأنه لا تحصل الثقة بقوله، لاحتمال أن يكون من غلطه، وتقبل شهادته من يقبل ذلك منه؛ لأن أحداً لا يسلم من الغلط.

والرابع: النطق، فلا تقبل شهادة الأخرس بالإشارة؛ لأنها محتملة، فلم تقبل، كإشارة الناطق، وإنما قبلت في أحكامه المختصة به، للضرورة، وهي ها هنا معدومة.

والخامس: الإسلام، فلا تقبل شهادة كافر بحال؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وقال تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، والكافر ليس بعدل، ولا مرضي، ولا هو منا، إلا أن شهادة أهل الكتاب، تقبل في الوصية في السفر إذا لم يكن غيرهم، ويستحلف مع شهادته بعد العصر؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] الآيات، نزلت في تميم الداري وعدي وكانا نصرانيين، شهدا بوصية مولى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015