أحدهما لابسها، والآخر آخذ بطرفها، أو تنازعا قميصاً، أحدهما لابسه، والآخر آخذ بكمه، فهو للابسه؛ لأن المنتفع به المتصرف فيه، وإن تنازعا عبداً، عليه ثياب لأحدهما، فهما سواء؛ لأن نفع الثياب تعود إلى العبد لا إلى صاحبه.

فصل

وإن كان في يده غلام بالغ عاقل، فادعاه عبداً له، فصدقه، حكم له بملكه، وإن كذبه، فالقول قوله؛ لأن الظاهر الحرية، وإن كان طفلاً لا يميز، فهو للمدعي؛ لأنه لا يعبر عن نفسه، أشبه البهيمة، فإن بلغ فقال: إني حر، لم يقبل منه؛ لأنه حكم برقه قبل دعواه، وإن لم يدع ملكه، لكنه كان في يده يتصرف فيه، فهو كما لو ادعى رقه؛ لأن اليد دليل الملك، فإن ادعى أجنبي نسبه، ثبت ولم يزل ملك سيده؛ لأنه يجوز أن يكون ولده وهو مملوك إلا أن يكون المدعي امرأة، فتثبت حرية ولدها، أو يكون رجلاً عربياً، فإن فيه روايتين: إحداهما: لا يسترق ولده فيحكم بحريته حينئذ، وإن كان الصبي مميزاً، فأنكر رق نفسه، ففيه وجهان: أحدهما: لا يثبت رقه؛ لأنه معرب عن نفسه في دعوى الحرية، فأشبه البالغ.

والثاني: يثبت الملك عليه؛ لأنه لا قول له، فأشبه الطفل، ولو ادعى رجلان رق كبير في أيديهما، فأقر لأحدهما، فهو لمن أقر له؛ لأن رقه إنما يثبت بإقراره، وإن جحدهما، فالقول قوله، فإن أقام كل واحد منهما بينة بملكه تعارضتا، فإن قلنا بسقوطهما، رجع إلى قوله، وإن قلنا بقسمته بينهما أو بقرعته بينهما، عمل على حسب ذلك.

فصل

ولو كان في يده صغيرة، فادعى نكاحها، لم تقبل دعواه، ولا يخلى بينه وبينها إلا أن تكون بينة؛ لأن النكاح لا يثبت إلا بعقد وشهادة، بخلاف الرق، فإذا كبرت، واعترفت له بالنكاح، قبل إقرارها والله أعلم.

فصل

ومن كان له حق على من يقر به ويبذله، لم يكن له أن يأخذ من ماله إلا ما يعطيه؛ لأن الخيرة إلى الغريم في تعيين ما يقضيه، فإن أخذ من ماله شيئاً بغير اختياره، لزمه رده؛ لأنه لا يجوز أن يتملك غير ماله بغير ضرورة، فإن أتلفه، صار ديناً في ذمته، فإن كان من جنس حقه تقاص الدينان، وتساقطا، وإن كان من غير جنسه، صار دين كل واحد منهما فى ذمة الآخر.

وإن كان من عليه الدين مانعاً له، بجحد، أو تعد، فالمذهب أنه ليس له الأخذ أيضاً؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015