فصل

وإن اختلف رب الدار والخياط الذي فيها، في الإبرة والمقص، فهما للخياط؛ لأن تصرفه فيهما أظهر، وإن اختلفا في الثوب، فهو لصاحب الدار؛ لأن الظاهر أنه لا يحمل قميصه يخيطه في دار غيره، وإن اختلف النجار ورب الدار، فالقول قول النجار في القدوم والمنشار، والقول قول رب الدار في الرفوف والخشب، لما ذكرناه، وإن تنازع رجلان دابة، أحدهما راكبها، أو له حمل عليها، والآخر آخذ بزمامها، فهي لراكبها؛ لأن تصرفه فيها أقوى، ويده آكد، فإن كان لأحدهما عليها حمل، والآخر راكبها، فهي للراكب؛ لأن يده عليها وعلى الحمل، وإن اختلف صاحب الدابة وراكبها في حملها، فهو لراكبها؛ لأن يده على الدابة، فتكون يده على حملها، وإن تنازعا في رحل الدابة وسرجها، فهو لصاحبها؛ لأنه تابع للدابة، والعادة جارية بأن ذلك يكون لصاحبها.

فصل

وإن تنازعا حائطاً معقوداً ببناء أحدهما عقداً، لا يمكن إحداثه، فالقول قوله فيه؛ لأن الظاهر أنه بناه مع ملكه، وإن كان له عليه أزج فهو له؛ لأن الظاهر أنه لا يضع أزجه إلا على ملكه، ولا يرجح أحدهما بوضع خشبه عليه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أن لا يمنع المرء جاره من وضع خشبه على حائطه، وإن كان معقوداً ببناء كل واحد منهما، أو محلولاً منهما، أو لكل واحد منهما عليه أزج، أو لا أزج لواحد منهما تحالفا، وكان بينهما؛ لأنهما استويا فيه مع ثبوت يديهما عليه، فأشبه ما لو تنازعا داراً في يديهما.

وإن تنازع صاحب العلو والسفل السقف الذي بينهما، فهو بينهما؛ لأنه حاجز توسط بين ملكيهما، أشبه الحائط بين الملكين، وإن تنازعا درجة تحتها مسكن، فهي بينهما؛ لأنهما تساويا في الانتفاع بها، وإن لم يكن تحتها مسكن، أو تنازعا سلماً منصوباً، فهو لصاحب العلو؛ لأنها وضعت لنفعه، وإن كانت تحتها جب، فهي لصاحب العلو؛ لأن المقصود بها نفعه، وإن تنازعا حائط العلو، فهو لصاحبه؛ لأنه مختص بنفعه، وإن تنازعا حائط السفل، احتمل أن يكون بينهما؛ لأنه لنفعهما، فهو كالسلم تحته مسكن واحتمل أن يكون لصاحب السفل؛ لأنه لم تجر العادة ببيت لا حائط له، وإن تنازعا صحن الدار والدرجة فيه، فهو بينهما؛ لأن لكل واحد منهما عليه يداً، وإن لم يكن فيه درجة، فهو لصاحب السفل، ولهذا يملك منع صاحب العلو من الاستطراق فيه، وإن تنازعا مسناة بين أرض أحدهما، ونهر الآخر، فهي بينهما؛ لأنه حائط بين ملكيهما، ينتفع به كل واحد منهما، أشبه الحائط بين الدارين، وإن تنازعا عمامة في يد أحدهما طرفها، وباقيها في يد الآخر، تحالفا وكانت بينهما؛ لأن يد كل واحد منهما ثابتة عليها.

وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015