أحدهما: لا غرم عليه؛ لأنه دفعه إلى مستحقه بإذن الميت، أشبه ما لو كان لمعينين.

والثاني: يغرم لأنه فرقه ولم تكن له تفرقته، فغرمه، كما لو جعلت تفرقته إلى غيره، والله تعالى أعلم

[باب ما على القاضي في الخصوم]

يلزمه أن يسوي بين الخصمين في الدخول عليه، والمجلس، والخطاب، والإقبال عليهما، والسماع منهما، لما روت أم سلمة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من ابتلي بالقضاء بين المسلمين، فليعدل بينهم في لحظه، وإشارته، ومقعده، ولا يرفعن صوته على أحد الخصمين، ما لا يرفعه على الآخر» رواه عمر بن شيبة في كتاب قضاة البصرة.

وكتب عمر إلى أبي موسى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: واس الناس في وجهك ومجلسك وعدلك، حتى لا ييأس الضعيف من عدلك، ولا يطمع شريف في حيفك.

وجاء رجل إلى شريح وعنده السري، فقال: اعدل بي على هذا الجالس إلى جنبك، فقال شريح للسري: قم فاجلس مع خصمك. قال: إني أسمعك من مكاني، قال: لا. قم فاجلس مع خصمك، إن مجلسك برتبته، وإني لا أدع النصرة وأنا عليها قادر؛ ولأن إيثار أحد الخصمين في بعض ما ذكرنا يكسر خصمه. والمستحب أن يجلسهما بين يديه، لما روى ابن الزبير قال: «قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي» . رواه أبو داود ولأنه أمكن لخطابهما، فإن كان أحدهما مسلماً والآخر ذمياً، جاز رفع المسلم عليه، لما روى إبراهيم التيمي: أن علياً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حاكم يهودياً إلى شريح، فقام شريح من مجلسه، فأجلس علياً فيه، فقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لو كان خصمي مسلماً لجلست معه بين يديك، ولكني سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا تساووهم في المجالس» . ولا ينبغي أن يضيف أحد الخصمين دون صاحبه، لما روي عن علي كرم الله وجهه أنه نزل به رجل، فقال: ألك خصم؟ قال: نعم. قال: تحول عنا، فإني سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعه خصمه» .

ولا يسار أحدهما، ولا يلقنه حجته، ولا يأمره بإقرار ولا إنكار، لما فيه من الضرر. فإن لم يحسن الدعوى، ففيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015