صحيح، ويسأله أن يعصمه، ويعينه.
ويجلس مستقبل القبلة، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير المجالس ما استقبل به القبلة» ويكون عليه سكينة ووقار في مشيه وجلوسه، ويبسط تحته شيئاً يجلس عليه، ليكون أوقر له، ويترك القمطر مختوماً بين يديه، ليترك فيه ما يجتمع من المحاضر، والسجلات، ويجلس الكاتب قريباً منه، ليرى ما يكتبه فإن غلط رد عليه.
فصل:
ويبدأ في نظره بالمحبوسين؛ لأن الحبس عقوبة، وربما كان فيهم من يجب إطلاقه، فاستحب البداءة بهم، فيكتب أسماء المحبوسين، وينادي في البلدان: القاضي ينظر في أمرهم يوم كذا، فليحضر من له محبوس، فإذا حضروا، أخرج رقعة، فأخرج صاحبها فنظر بينه وبين خصمه، فإن وجب إطلاقه أطلقه، وإن وجب حبسه أعيد. فإن قال: حبست بدين أنا معسر به، فصدقه خصمه، أو ثبت إعساره ببينة، أطلقه، وإن كذبه ولم يثبت إعساره، أعيد إلى الحبس. فإن ادعى خصمه أن له داراً، وأقام بها بينة، فقال المحبوس: هي لزيد، فكذبه زيد، بيعت الدار، وقضي الدين؛ لأن إقراره سقط بإكذابه، وإن صدقه زيد وله بينة، فهي له؛ لأن بينته قويت بإقرار صاحب اليد.
وإن قال: حبست في ثمن كلب، أو خمر أرقته لذمي. فقال القاضي: يطلقه لأن غرمه ليس بواجب. وفيه وجه آخر: أن الثاني ينفذ حكم الأول؛ لأنه ليس له نقض حكم غيره باجتهاده، ويحتمل أن يتوقف ويجتهد في أن يصطلحا على شيء؛ لأنه لا يمكنه فعل الأمرين المتقدمين. وإن قال: حبست ظلماً، ولا حق علي، نادى الحاكم بذلك. فإن لم يظهر له خصم، فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه لا خصم له، ولا حق عليه، ويخلي سبيله، والله أعلم.
فصل:
ثم ينظر في أمر الأوصياء والأمناء؛ لأنهم يتصرفون في حق من لا يملك المطالبة بماله. فإن ادعى رجل أنه وصي ميت، لم يقبل إلا ببينة؛ لأن الأصل عدم الوصية. فإن أقام بينة، وكان عدلاً قوياً، أقره على الوصية، وإن كان فاسقاً أو ضعيفاً، ضم إليه أميناً يتقوى به، أو أبدله إن رأى إبداله. وإن أقام بينة أن الحاكم الذي قبله أنفذ الوصية، أنفذها، ولم يسأل عن عدالته؛ لأن الظاهر أنه لا ينفذ ذلك إلا لمن هو أهل. وإن كان وصياً في تفرقة ثلثه، ففرقه وهو عدل، فلا شيء عليه. وإن كان فاسقاً والوصية لمعينين، فلا شيء عليه أيضاً؛ لأنه دفعه إلى مستحقه، وإن كان لغير معين، ففيه وجهان: