ويوصيهم بالرفق بالخصوم. وإن دعت الحاجة إلى اتخاذ حاجب اتخذه أميناً بعيداً من الطمع، ويوصيه بما يلزمه من تقديم من سبق.

فصل:

ويتخذ حبساً؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اشترى داراً بمكة بأربعة آلاف اتخذها سجناً. واتخذ علي سجناً؛ ولأنه قد يحتاج إليه للتأديب واستيفاء الحق من المماطل، والاحتفاظ بمن عليه قصاص أو حد، حتى يستوفى.

فصل:

وينبغي أن يتخذ كاتباً؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استكتب زيداً وغيره؛ ولأن الحاكم يكثر اشتغاله ونظره فلا يتمكن من الجمع بينهما وبين الكتابة. فإن أمكنة ولاية ذلك بنفسه، جاز. ومن شرط الكاتب أن يكون عارفاً بما يكاتب به القضاة من الأحكام. وما يكتبه من المحاضر، والسجلات؛ لأنه إذا لم يعرفه، أفسد ما يكتبه بجهله. وأن يكون عدلاً لأن الكتابة موضع أمانة، ولا تؤمن خيانة الفاسق. وأن يكون مسلماً؛ لأن الإسلام من شروط العدالة، ويستحب أن يكون ورعاً نزهاً، لئلا يستمال بالطمع. جيد الحفظ، ليكون أكمل. حراً، ليخرج من الخلاف. فإن كان عبداً، جاز؛ لأنه من أهل الشهادة.

فصل:

ولا يتخذ شهودا معينين، لا يقبل غيرهم؛ لأنه من ثبتت عدالته وجب قبول شهادته، فلم يجز تخصيص قوم بالقبول دون قوم.

فصل:

ويتخذ أصحاب مسائل يتعرف بهم أحوال من جهل عدالته من الشهود. ويجب أن يكونوا عدولاً برآء من الشحناء، بعداء من العصبية في نسب أو مذهب، كيلا يحملهم ذلك على تزكية فاسق، أو جرح عدل. وأن يكونوا وافري العقول ليصلوا إلى المطلوب. ولا يسألوا عدواً ولا صديقاً؛ لأن الصديق يظهر الجميل ويستر القبيح. والعدو بخلاف ذلك. فإذا شهد عنده من يعرفه بالعدالة، قبل شهادته. وإن علم فسقه لم يقبلها، ويعمل بعلمه في العدالة والفسق. وإن جهل إسلامه سأل عنه، ولم يعمل بظاهر الدار؛ لأن أعرابياً شهد عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برؤية الهلال، فلم يحكم بشهادته حتى سأله عن إسلامه؛ ولأنه يتعلق بشهادته حق على غيره، فلم يعمل بظاهر الدار. ويقبل قوله في إسلام نفسه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل قول الأعرابي في ذلك؛ ولأنه بقوله يصير مسلماً. وإن لم تعرف عدالته لم يحكم حتى تثبت عدالته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015