هذا لكم وهذا أهدي إلي، ألا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه شيء أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا يبعث أحد منكم فيأخذ شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته» . متفق عليه. فدل على أن أهدي إليه مما كانت الولاية سبباً له محرم عليه.

فأما من كانت عادته الهدية إليه قبل الولاية، فجائز قبولها؛ لأن قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا» . يدل على تعليل تحريم الهدية، لكون الولاية سببها، وهذه لم تكن سببها الولاية فجاز قبولها إلا أن تكون في حال الحكومة بينه وبين خصم له، فلا يجوز قبولها؛ لأنه يتهم، فهي كالرشوة. والأولى الورع عنها في غير حال الحكومة؛ لأنه لا يأمن أن تكون الحكومة منتظرة.

فصل:

ويكره أن يباشر البيع والشراء بنفسه، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «ما عدل وال اتجر في رعيته» .

وقال شريح: شرط علي عمر حين ولاني القضاء: أن لا أبيع، ولا أبتاع، ولا أرشي، ولا أقضي وأنا غضبان؛ ولأنه يعرف، فيحابى، فيجري مجرى الهدية.

ويستحب أن يوكل من لا يعرف أنه وكيله. فإذا عرف استبدل به حتى لا يحابى، فإن لم يمكنه الاستنابة، تولاه بنفسه؛ لأن أبا بكر الصديق أخذ الذراع وقصد السوق ليتجر فيه؛ ولأنه لا بد له منه. فإن كان لمن بايعه حكومة، استخلف من يحكم بينه وبين خصمه، كيلا يميل إليه.

فصل:

ويجوز للقاضي حضور الولائم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بإجابة الداعي. ولا يخص بإجابته قوماً دون قوم؛ لأنه جور. فإن كثرت عليه وشغلته، ترك الجميع؛ لأنه يشتغل بها عما هو أوكد منها. وله عيادة المرضى، وشهود الجنائز، ويأتي مقدم الغائب؛ لأنه قربة وطاعة. وله أن يخص بذلك قوماً دون قوم؛ لأن هذه الأمور لحق نفسه طلباً لثواب الله تعالى، فكان له فعل ما أمكن منها دون ما لم يمكن. وحضور الوليمة لحق الداعي. فإذا خص بعضهم بها، حصل مراعياً لبعضهم دون بعض، فكان ذلك ميلاً.

فصل:

ولا يقضي في حال الغضب، ولا الجوع، والعطش، والحزن، والفرح المفرط،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015