أحدهما: ينعزل كذلك، ولما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: لأعزلن أبا مريم - يعنى عن قضاه البصرة - وأولي رجلاً إذا رآه الفاجر فرقه، فعزله وولى كعب بن سوار. وولى علي أبا الأسود، ثم عزله فقال: لم عزلتني وما خنت ولا جنيت؟ فقال: إني رأيتك يعلو كلامك على الخصمين.

والثاني: لا ينعزل؛ لأنه عقده لمصلحة المسلمين، فلم يملك عزله مع سداد حاله، كما لو عقد الولي النكاح على موليته، لم يملك فسخه. وإن اختل أحد الشروط، بأن يفسق، أو يختل عقله، أو بصره، انعزل بذلك؛ لأنه فات الشرط، فانتفى المشروط كالصلاة.

فصل:

وليس له أن يقضي ولا يولي ولا يسمع البينة، ولا يكاتب قاضياً في حكم في غير عمله، ولا يعتد بذلك إن فعله؛ لأنه لا ولاية له في غير عمله، أشبه سائر الرعية.

فصل:

ولا يجوز له أن يحكم لنفسه؛ لأنه لا يجوز أن يكون شاهداً لها، ويتحاكم هو وخصمه إلى قاض آخر. ويجوز أن يحاكمه إلى بعض خلفائه؛ لأن عمر حاكم أبياً إلى زيد. وحاكم عثمان طلحة إلى جبير. ولا يجوز أن يحكم لوالده وإن علا، ولا لولده وإن سفل؛ لأنه متهم في حقهما، فلم يجز حكمه لهما، كنفسه. وقال أبو بكر: يجوز حكمه لهما؛ لأنهما من رعيته، فجاز حكمه لهما، كالأجانب، وإن اتفقت حكومة بين والديه، أو ولديه، أو والده وولده، فالحكم فيهما، كما لو انفرد أحدهما؛ لأن ما منع منه في حق أحدهما إذا كان خصمه أجنبيا، منع منه إذا ساواه خصمه، كالشهادة. ويجوز له استخلاف والده وولده في أعماله؛ لأن غاية ما فيه أنهما يجريان مجراه.

فصل:

ولا يجوز له أن يرتشي في الحكم، لما روى عبد الله بن عمرو قال: «لعن رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الراشي والمرتشي» . قال الترمذي: هذا حديث صحيح؛ ولأنه أخذ مال على حرام، فكان حراماً، كمهر البغي.

ولا يجوز له قبول الهدية ممن لم تجر عادته بها قبل الولاية، لما روى أبو حميد قال: «بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقه، فقال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر، فقال: ما بال العامل نبعثه فيقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015