فصل:
وإن حلف لا يساكن فلاناً، فاستدام المساكنة، حنث. وإن سكنا في دارين متجاورتين، لم يحنث إلا أن ينوي، أو يكون سبب يمينه، يقتضي ذلك. وإن سكنا في دار واحدة، حنث، سواء سكنا بيتين، أو أحدهما بيتاً والآخر صفة. وإن كانا متساكنين، فأقاما حتى بنيا بينهما حاجزاً، وقسماها دارين، حنث، فإن خرجا منها، أو أحدهما، وقسماها دارين ثم سكناها، لم يحنث.
فصل:
وإن حلف لا يأكل شيئاً، فشربه، أو لا يشربه، فأكله، فقال الخرقي. يحنث؛ لأن هذه اليمين يقصد بها اجتناب الشيء، بدليل قَوْله تَعَالَى: {تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] . يتناول اجتنابها، ونهي الطبيب المريض عن أكل شيء يمنع تناوله، فحملت اليمين عليه، ونقل منها عن أحمد: لا يحنث؛ لأن الأفعال أنواع، كالأعيان. فالحالف على نوع، لا يحنث بفعل آخر، كالأعيان. قال القاضي: إنما الروايتان فيما إذا عين المحلوف عليه. فإن لم يعين، لم يحنث رواية واحدة. فأما إن حلف لا يطعمه، أولا يذوقه، تناول الأمرين. فإن حلف لا يأكله، ولا يشربه، فذاقه، لم يحنث. وإن حلف لا يأكل سكراً، فتركه في فمه حتى ذاب فبلعه، خرج على الروايتين. وإن حلف لا يشرب، فمص قصب السكر، لم يحنث. نص عليه. وكذلك إن حلف لا يأكله. قاله ابن أبي موسى. ويجيء على قول الخرقي أنه يحنث. والأكلة بالفتح: المرة من الأكل. والأكلة: اللقمة.
فصل:
وإن حلف لا يكلمه، ثم وصل بيمينه كلاماً، مثل أن يقول: فتحقق ذلك، أو: فاذهب، أو: فاسمع، حنث ثم؛ لأنه كلمة بعد يمينه. إلا أن ينوي أن لا يكلمه كلاماً منفصلاً، ويحتمل أن لا يحنث وإن أطلق؛ لأن إتيانه بكلام متصل يدل على قصده الكلام المنفصل. وإن كلم إنساناً ليسمع المحلوف عليه، حنث، نص عليه؛ لأن ذلك تكليم له في المعنى. قال الشاعر:
إياك أعني فاسمعي يا جارة
وإن ناداه بحيث يسمع، فلم يسمع، حنث. نص عليه؛ لأنه أراد تكليمه بما لفظ به. وإن زجره، فقال: تنح، أو اسكت. أو سمعه يتكلم، فقال: على الكاذب لعنة الله، حنث؛ لأنه كلمه. وإن سلم عليه، أو على جماعة هو فيهم يقصده معهم،