فصل:
وإن حلف على زوجته، أن لا تخرج إلا بإذنه، أو بغير إذنه، أو إلى أن يأذن لها، أو إلا أن يأذن لها، أو حتى يأذن لها، فخرجت بغير إذنه، حنث وانحلت يمينه. وإن خرجت بإذنه، لم يحنث، ولم تنحل يمينه؛ لأنها فعلت غير المحلوف عليه، فأشبه ما لو فعلت غير الخروج. وإن أذن لها، ثم نهاها، فخرجت، حنث؛ لأن إذنه زال، فأشبه من لم يأذن وإن أذن لها من حيث لا تعلم، فخرجت، ففيه وجهان:
أحدهما: يحنث؛ لأن الإذن الإعلام، ولم يتحقق، قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي إعلام. وآذنتكم. أي: أعلمتكم.
والثاني: لا يحنث؛ لأنه قد أذن، وكذلك ينعزل الوكيل بعزله قبل علمه. وإن حلف ألا تخرجي إلا بإذن زيد، فمات زيد، ثم خرجت، حنث؛ لأنها خرجت قبل إذنه، وإن حلف ألا تخرج إلى غير الحمام، فخرجت إلى الحمام وغيره، حنث؛ لأنها خرجت إلى غيره. وإن قال: إن خرجت إلا إلى الحمام، فأنت طالق، فخرجت إليه وإلى غيره، لم تطلق؛ لأنها خرجت إليه. وإن خرجت إلى الحمام، ثم عدلت إلى غيره، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يحنث؛ لأنها لم تخرج إلى غيره.
والثاني: يحنث؛ لأن قصده في الظاهر صيانتها من غيره ولم يحصل ذلك.
فصل:
ومن حلف: لا يسكن داراً هو ساكنها، وأقام فيها زمناً يمكنه الخروج، حنث، إلا أن تكون إقامته لنقل متاعه، فلا يحنث، ويكون نقله على ما جرت به العادة قليلاً. وإن خرج بنفسه دون أهله وماله، مع إمكان نقلهم، حنث؛ لأنه يقال: فلان ساكن الدار، مع كونه خارجاً منها، إلا أن يريد بخروجه السكنى منفرداً في غيرها، فلا يحنث، فإن أقام في الدار لإكراه، أو خوف، أو ليل، أو لأنه يحول بينه وبين الخروج أبواب مغلقة، أو لعدم ما ينقل عليه متاعه، أو منزلاً ينتقل إليه، أياماً وليالي في طلب النقلة، لم يحنث؛ لأن إقامته لدفع الضرر، وانتظار السكنى. وإن أقام غير ناو للنقلة، حنث. ولو وهب رحله، أو أعاره، أو أودعه وخرج بنفسه لا يريد العود، لم يحنث، وإن تردد إلى الدار لنقل متاعه، أو عيادة مريض، لم يحنث؛ لأنه ليس بسكنى. وإن امتنعت زوجته من الخروج معه، فخرج وتركها، لم يحنث.