حلف على أشهر، أو أيام، فهي ثلاثة؛ لأنها أقل الجمع. وإن حلف على شهور، فكذلك عند أبي الخطاب؛ لأنها جمع. وقال غيره: هي اثنا عشر، لقول الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ولأن هذا جمع كثرة، فلا يحمل على ما يحمل عليه جمع القلة. وإن حلف لا يأوي معه بيتاً. فدخلا بيتاً، حنث وإن قل لبثهما، لقول الله تعالى: {إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: 63] . قال أحمد: ما كان ذلك إلا ساعة.
فصل:
وإن حلف لا يدخل داراً، فدخلها مختاراً، حنث، راكباً كان أو ماشياً، أو محمولاً، أو على مأمن بابها، أو من ثقب فيها، أو من فوق جدارها؛ لأنه قد دخلها. وإن رقى على سطحها، حنث؛ لأنها منها. وكذلك يصح الاعتكاف في سطح المسجد، ويمنع الجنب اللبث فيه، إلا أن تكون بينة أو قرينة حالة تقتضي إخراج السطح من اليمين. وإن قال: على حائطها، أو عتبة بابها، ففيه وجهان:
أحدهما: يحنث؛ لأنه دخل في حدها.
والثاني: لا يحنث؛ لأنه لا يسمى داخلاً. وإن تعلق على غصن شجرة منها حتى صار بين حيطانها، حنث. وإن صار مقابلاً لها، احتمل وجهين. وإن حلف لا يدخل من بابها، فحول بابها، ودخل من الثاني، حنث؛ لأنه بابها. وإن حلف لا يضع قدمه فيها، أو لا يطأها، فدخلها راكباً، أو حافياً، أو منتعلاً، حنث لأن معناه، أن لا يدخلها.
فصل:
وإن حلف على دار ليخرجن منها، اقتضت يمينه الخروج بنفسه، وأهله، وإن حلف ليخرجن من هذه البلد، اقتضت يمينه الخروج بنفسه؛ لأن الدار يخرج منها صاحبها كل يوم عادة. وظاهر حاله، إرادة خروج غير المعتاد، بخلاف البلد. وهل يحنث بالعود إليها؟ فيه روايتان:
إحداهما: يحنث؛ لأن ظاهر حاله قصد هجرانها، ولا يحصل ذلك مع العود.
والثانية: لا يحنث؛ لأن يمينه على الخروج وقد فعله، ولذلك لو حلف لا يخرج منها، حنث بمجرد الخروج. وحمل اليمين على المقصد مع عدمه وعدم سبب يقتضيه، لا يصح.