لحم السمك. قال الله تعالى: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] ولا يفهم ذلك عند إطلاق الاسم، فذكر الخرقي أنه إذا حلف: لا يأكل لحماً، فأكل من لحم السمك، حنث لأن الله تعالى سماه لحماً؛ ولأنه لحم حيوان، فأشبه لحم الطير. وقال ابن أبي موسى: لا يدخل إلا أن ينويه؛ لأنه لا يطلق عليه اسم اللحم، أشبه الجراد؛ ولأن الظاهر أن الحالف لم يرده بيمينه، فأشبه النوع الذي قبله. وإن حلف: لا يدخل بيتاً، فنص أحمد على أن يمينه تتناول المسجد والحمام؛ لأن الله سمى المساجد بيوتاً، فقال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] . وفي الأثر: «بئس البيت الحمام» . وإذا كان بيتاً في الحقيقة، ويسميه الشارع، حنث بدخوله كغيره، ويحتمل ألا يحنث؛ لأنه لا يسمى في العرف بيتاً، أشبه النوع الأول. ويدخل في يمينه بيت الشعر والمدر؛ لأنه بيت حقيقة وعرفاً، ولا تدخل فيه الخيمة؛ لأنها لا تسمى بيتاً، ولا يدخل الدهليز، ولا الصفة، ولا صحن الدار كذلك. وإن حلف على الريحان، فقال القاضي. تختص يمينه الريحان الفارسي؛ لأنه المسمى عرفاً. وقال أبو الخطاب. تتناول كل نبت أو زهر طيب الريح، كالورد، والبنفسج، والنرجس، والمرزنجوش، ونحوه؛ لأنه يتناول اسم الريحان حقيقة. ولو حلف: لا يشم ورداً، ولا بنفسجاً، حنث بشمهما، رطبين كانا أو يابسين. فإن شم دهنهما، لم يحنث عند القاضي؛ لأنه لم يشمهما، ويحنث عند أبي الخطاب؛ لأن الشم إنما هو للرائحة، وريحهما في دهنهما. وإن حلف: لا يشتريهما، فاشترى دهنهما، لم يحنث وجهاً واحداً.
النوع الثالث: ما يتناوله الاسم حقيقة وعرفاً، لكن أضاف إليه فعلاً لم تجر العادة بإضافته إلا إلى بعضه، ففيه وجهان:
أحدهما: يتناول الاسم جميع المسمى، لعموم الاسم فيه.
والثاني: يختص بما جرت العادة بإضافة الفعل إليه؛ لأن هذا قرينة دالة على اختصاصه بالإرادة، فأشبه ما لو خصه بنيته. فإذا حلف: لا يأكل رأساً، فقال القاضي: يحنث بأكل رأس كل حيوان من النعم، والطير، والصيد، والحيتان، والجراد، لعموم الاسم فيه حقيقة وعرفاً، فأشبه ما لو حلف: لا يشرب ماء، فإنه يحنث بشرب الماء الملح، والماء النجس. ومن حلف: لا يأكل خبزاً، حنث بأكل خبز الذرة والدخن، وإن لم تجر عادة أهل بلد الحالف بأكله. ولو حلف: لا يأكل لحماً، تناول يمينه لكل اللحم المحرم. وقال أبو الخطاب: لا يحنث بأكل رأس لم تجر العادة بأكله منفرداً لأنه