غزلها، أو حلف: لا يأوي معها في دار، لسبب يقتضي جفاءها، فحكمه حكم القاصد كذلك؛ لأن السبب دليل على النية والقصد، فقام مقامه. وإن كان اللفظ أعم من السبب، كرجل امتنت عليه زوجته ببيتها، فحلف لا يسكن بيتاً، أو دعاه إنسان إلى غداء، فحلف لا يتغدى، ففيه وجهان:
أحدهما: يحمل اللفظ على عمومه؛ لأن كلام الشارع إذا ورد على سبب خاص، حمل على عمومه، ولم يختص محل سببه، فكذلك اليمين.
والثاني: يختص بمحل السبب؛ لأن قرينة حاله دالة على إرادة الخاص، أشبه ما لو نواه؛ ولأننا أقمنا السبب مقام النية في التعميم، فكذلك في التخصيص. ولو حلف على شيء لسبب فزال، مثل من حلف لا يدخل بلداً، لظلم فيه، فزال، ثم دخله، فقال القاضي: يحنث. وذكر أن أحمد نص عليه. وإن حلف على زوجته أو عبده: ألا يخرجها إلا بإذنه، فخرجا عن ملكه، فقال القاضي: تنحل يمينه؛ لأن قرينة الحال تقتضي تخصيصهما بحالة الملك، فأشبه ما لو صرح به، فيخرج في هذه المسألة، وفي التي قبلها وجهان، قياساً لكل واحدة منهما على صاحبتها. وإن حلف لعامل: لا يخرج إلا بإذنه، فعزل، أو حلف: لا يرى منكراً إلا رفعه إلى القاضي فلان، فعزل، وأشباه هذا، ففيه وجهان كذلك. فإن قلنا: لا تنحل اليمين بعزله، فرفعه إليه بعد عزله، بر. وإن قلنا: تنحل بذلك، فرأى منكراً في ولايته وأمكنه رفعه إليه، فلم يرفعه إليه حتى عزل، ثم رفعه إليه، لم يبر.
فصل:
فإن عدم ذلك، تعلقت يمينه بما عينه، فمتى حلف لا أكلت هذا الرطب، أو هذا العنب، فصار دبساً، أو خلاً، أو ناطفاً، أو: لا أكلت هذا الحمل، فصار كبشاً، أو: لا أكلت هذا البر، فصار دقيقاً أو خبزاً أو هريسة، أو ما تولد من المحلوف عليه، فأكل منه، حنث، وإن حلف: لا كلمت هذا الصبي، فصار شيخاً، فكلمه، أو: لا دخلت هذه الدار، فصارت فضاء، أو مسجداً، أو حماماً، فدخلها، أو: لا لبست هذا الرداء، فلبسه قميصاً، أو سراويل، أو اعتم به، أو: لا ركبت هذه السفينة، فنقضت، ثم أعيدت وركبها، أو: لا كلمت زوجة فلان هذه، ولا عبده هذا، أو: لا دخلت داره هذه، أو: لا كلمت بكراً عند زيد، ولا هنداً زوجته، أو: لا كلمت زيداً سيد بكر، أو زوج هند، أو زيداً صديق سعد، فزال ملكه عنهن، وفعل ما حلف عليه، حنث؛ لأن عين المحلوف عليه باقية، فحنث به، كما لو حلف: لا أكلت هذا الكبش، فذبحه، وأكل من لحمه، ويحتمل أن لا يحنث في هذا كله. وإن استحالت العين، مثل أن حلف على