يحنث. وإن حلف: لا يبيع ثوبه بمائة. يريد ألا ينقصه، فباعه بأقل، حنث. وإن حلف: لا يتزوج، حنث بالعقد الصحيح. وإن حلف: ليتزوجن، بر بذلك، إلا أن يقصد بيمينه غيظ زوجته، أو يكون سبب يمينه يقتضي ذلك، فلا يبر إلا بتزويج يغيظها. فإن واطأها على التزوج والطلاق قبل الدخول، ليحل يمينه، أو يتزوج من لا يغيظها تزوجها، لم يبر. وقال أصحابنا فيمن حلف: ليتزوجن على امرأته، لا يبر حتى يتزوج نظيرتها، ويدخل بها، والصحيح أن هذا لا يعتبر؛ لأن غيظها يحصل بدونه.
فصل:
وإن تأول الظالم في يمينه، لم ينفعه تأويله، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك» . رواه مسلم وأبو داود؛ ولأنه لو ساغ له التأويل لبطل المعنى المبتغى باليمين، وهو تعريف الحالف ليرتدع عن جحوده، خوفاً من عاقبة اليمين الكاذبة. وإن كان مظلوماً، فله تأويله، نص عليه أحمد في رجل له امرأتان، اسم كل واحدة فاطمة، فماتت إحداهما: فحلف بطلاق فاطمة ينوي الميتة، إن كان المستحلف ظالماً، فالنية نية صاحب الطلاق، وإن كان الحالف ظالماً، فالنية نية الذي أحلفه، لما روى أبو داود بإسناده عن سويد بن حنظلة قال: «خرجنا نريد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت: أنه أخي، فخلى سبيله، فأتينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكرنا ذلك له، فقال: أنت كنت أبرهم وأصدقهم، المسلم أخو المسلم» ؛ ولأنه نوى بكلامه ما يحتمله على وجه لا يبطل حق أحد، فجاز كما لو عنى به الظاهر. وإن لم يكن ظالماً، ولا مظلوماً، فظاهر كلام أحمد: أن له تأويله كذلك، ولقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب» . وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمزح ولا يقول إلا حقاً. وقال لرجل: «إنا حاملوك على ابن ناقة. فقال الرجل: ما أصنع بولد الناقة؟ فقال: وهل تلد الإبل إلا النوق» . رواه أبو داود.
وقال بعض أهل العلم: الكلام أوسع من أن يكذب ظريف، يعني: التأويل.
فصل:
ومن لم تكن له نية، وكان ليمينه سبب هيجها، يقتضي معنى أعم من اللفظ، مثل من امتنت عليه زوجته، فحلف لا يشرب لها الماء من العطش، أو لا يلبس ثوباً من