والثانية: القول قول الأسير؛ لأنه يدعي حقن دمه، فيكون ذلك شبهة في درء القتل.

والثالثة: القول قول من يدل ظاهر الحال على صدقه، فمتى كان أقوى من المسلم ومعه سلاحه، فالقول قوله: لأن الظاهر معه، وإن كان ضعيفا مأخوذا سلاحه، فالقول قول المسلم؛ لأن الظاهر معه.

فصل:

وإذا دخل حربي دار الإسلام بأمان، ثبت الأمان لنفسه وماله الذي معه؛ لأن الأمان يقتضي ترك التعرض له بما يضره، وأخذ ماله يضره، فإن أودع ماله، أو أقرضه مسلما، أو ذميا، ثم عاد إلى دار الحرب رسولا، أو تاجرا، أو متنزها ليعود إلى دار الإسلام، فهو على أمانه. وإن دخل مستوطنا، أو محاربا، انتقض الأمان في نفسه؛ لأنه تركه وبقي في ماله؛ لأنه بطل في نفسه بعوده، ولم يوجد ذلك في المال؛ ولأن الأمان ثبت للمال بأخذ المودع والمقترض له، فأشبه ما لو استودعه في دار الحرب، ودخل به دار الإسلام. فإن طلبه صاحبه، بعث به إليه، وإن مات، بعث إلى وارثه، وكذلك إن مات المستأمن في دار الإسلام، بعث ماله إلى وارثه؛ لأن الأمان حق لازم تعلق بالمال. فإذا انتقل إلى الوارث، انتقل بحقه، كسائر ماله، وإن لم يكن له وارث، فهو فيء؛ لأنه مال انتقل عن الكافر ولا مستحق له، فأشبه مال الذمي الذي يموت ولا وارث له، وإن سبي مالكه، كان موقوفا، فإن عتق، رد إليه، وإن مات في الرق، أو قتل، فماله فيء؛ لأنه لا يورث، فأشبه مال من لا وارث له.

فصل:

وإن أخذ المسلم من الحربي في دار الحرب مالا، مضاربة، أو وديعة، ودخل به دار الإسلام، فهو في أمان، حكمه مثل ما ذكرنا، وإن أخذه ببيع في الذمة، أو اقتراض، فالثمن في ذمته، عليه أداؤه إليه. وإن اقترض حربي من حربي مالا، ثم دخل إلينا فأسلم، فعليه رد البدل؛ لأنه أخذه على سبيل المعاوضة، فأشبه ما لو تزوج حربية، ثم أسلم، فإنه يلزمه مهرها.

فصل:

وإن حصر المسلمون حصنا، فطلب رجل منهم الأمان، ليفتح لهم الحصن، جاز إعطاؤه. وكذلك إن طلبه لجماعة معينين، جاز، لما روي أن المهاجر بن أبي أمية لما حصر النجير، بعث إليه الأشعث بن قيس: تعطيني الأمان لعشرة وأفتح لك الحصن؟ ففعل. فإن فتح الحصن، فادعى الأمان منهم جماعة، كل واحد يقول أنا المعطى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015